للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

: "إنما هلك من كان قبلكم بمثل هذا يتبعون آثار نبيهم فيتخذونها كنائس وبيعاً" (١).

هـ -ويمكن أن يشرع لهم في دينهم تعظيم ذلك التابوت والاستنصار به كما أنه شرع لنا تعظيم الكعبة والحجر الأسود، ولا يقاس على ذلك كما هو معلوم.

[الآية الثالثة]

قوله تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ﴾ [النساء: ١].

هذه الآية قد اسْتُدِلَّ بها (٢) على جواز السؤال بالمخلوق والإقسام به، فيجاب عن ذلك بأنه قد ورد في "الأرحام" قراءتان (٣)، نصب الأرحام عطفاً على لفظ الجلالة وهذه القراءة هي قراءة العامة.

والقراءة الأخرى جر الأرحام عطفاً على الضمير في به وهذا جائز على القول الصحيح كما قال ابن مالك:

وعود خافض لدى عطف على … ضمير خفض لازماً قد جعلا

وليس عندي لازماً إذ قد أتى … في النظم والنثر الصحيح مثبتاً (٤)

فعلى قراءة العامة ليست الآية مما نحن فيه، وهذه القراءة رجحها الطبري والبغوي وغيرهما لأن العطف على الضمير المجرور لا يكاد يوجد في كلام العرب إلا قليلاً ومعنى الآية على هذه القراءة: اتقوا الله واتقوا


(١) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف: ٢/ ٣٧٦، وابن وضاح في البدع ص ٤١، وقال الألباني: وسنده صحيح على شرط الشيخين. اهـ. تحذير الساجد: ١٣٧.
(٢) احتج بهذه الآية عثمان الناصري تلميذ ابن جرجيس كما في مصباح الظلام ص: ٢٩٧ واستدل بها صاحب البصائر: ٣٨٠ على التوسل بالأحياء.
(٣) انظر عن القراءتين: البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة ص: ٧٣، وابن جرير: ٤/ ٢٢٦، ومعالم التنزيل: ١٠/ ٣٨٩ العامة قرأوا بالنصب وقرأ حمزة بالخفض.
(٤) الألفية مع شرح ابن عقيل: ٢/ ٢٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>