للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأرحام أن تقطعوها أو اتقوا الله في الأرحام كما نقله ابن جرير عن كثير من مفسري السلف (١).

أما على قراءة الجر وهي أيضاً جائزة في اللغة على القول الصحيح كما ذهب إليه ابن مالك -يكون المعنى- واتقوا الله الذي إذا تساءلتم بينكم، قال السائل للمسؤول: أسألك به وبالرحم وهذا ليس من باب الإقسام على المخلوق بالمخلوق، بل هو من باب طلب إيفاء حق الرحم فهو تذكير لما يستحقه من صلة الرحم أو يقال: هو إخبار عما كانوا يقولونه، ولا يدل على جوازه في الشرع، والأول أولى.

قال شيخ الإسلام : "وهذا إخبار عن سؤالهم، وقد يقال إنه ليس بدليل على جوازه، فإن كان دليلاً على جوازه فمعنى قوله: أسألك بالرحم ليس إقساماً بالرحم -والقسم هنا لا يسوغ- لكن بسبب الرحم أي لأن الرحم توجب لأصحابها بعضهم على بعض حقوقاً.

ومن هذا الباب ما روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أن ابن أخيه عبد الله بن جعفر كان إذا سأله بحق جعفر أعطاه، وليس هذا من باب الإقسام، فإن الإقسام بغير جعفر أعظم بل من باب حق الرحم لأن حق الله إنما وجب بسبب جعفر، وجعفر حقه على عليّ" (٢).

ومما يؤيد أن الآية على قراءة الجر ليست من باب الإقسام ما تقدم (٣) من النهي عن الحلف بغير الله تعالى واتفاق العلماء على عدم جواز الإقسام بغير الله تعالى.

فلا يمكن حمل معنى الآية على أمر ورد النهي عنه واتفق العلماء على منعه.


(١) تفسير ابن جرير: ٤/ ٢٢٧.
(٢) قاعدة في التوسل: ١/ ٣٣٩، واقتضاء الصراط: ٤٢١ - ٤٢٢.
(٣) تقدم ص: ٥٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>