للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿وَيَوْمَ يَقُولُ نَادُوا شُرَكَائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ﴾ ويدل على أن النداء في هذه الآية هو الدعاء - كون "ما فعلوه هو عين ما أمروا به" (١).

[النسبة بين النداء والدعاء]

إن النداء في الأصل خاص بالدعاء بأرفع الصوت فلا يشمل الدعاء بالسر والنجوى، وأما الدعاء فعام فيكون النداء من جنس الدعاء وأنواعه "وليس قسيمًا للدعاء" (٢) فعلى هذا فكل نداء دعاء، وليس كل دعاء نداء فبينهما العموم والخصوص المطلق، وقيل: إن الدعاء للقريب والنداء للبعيد (٣). فهذا الفرق بالنظر إلى أصل النداء لكنه لا يتمشى مع الاستعمال القرآني المتقدم والذي يظهر من سياق الآيات أن المراد من النداء فيها مطلق الدعاء، ومما يدل على أن النداء والدعاء معناهما واحد قول الحليمي بعد أن عرف الدعاء: "وهو أيضًا نداء قال الله ﷿: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ﴿كهيعص (١) ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (٢) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا﴾ [مريم: ١ - ٣]، وقال: ﴿وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا﴾ [الأنبياء: ٨٩]، وقال في آية أخرى: ﴿هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ﴾ [آل عمران: ٣٨]، ومعنى رب: يا رب فثبت أن النداء دعاء" (٤).

ومما يدل على اتحاد مفهومهما أيضًا أن الله عطف أحدهما على الآخر عطف تفسير فقال: ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً﴾ [البقرة: ١٧١]، وذكر الراغب الأصبهاني: أنه يستعمل كل واحد منهما موضع الآخر، ومثل لذلك بالآية السابقة (٥).


(١) دلائل الرسوخ: ٨٢، أو تحفة الجليس: ١٠٩.
(٢) تحفة الطالب: ١٠٩.
(٣) الكليات للكفوي: ٢/ ٣٣٤، وذكره في الجامع للأحكام للقرطبي: ٢/ ٢١٥، وأيده بأن الأذان يسمى نداء لكونه للأباعد.
(٤) المنهاج في شعب الإيمان للحليمي: ١/ ٥٢٢.
(٥) المفردات: ١٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>