للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمر الله تعالى بدعائه بتضرع وخفية وحذر من الاعتداء، قال شيخ الإسلام : "ومن العدوان أن يدعوه غير متضرع، بل دعاء هذا كالمستغني المدل على ربه، وهذا من أعظم الاعتداء لمنافاته لدعاء الذليل، فمن لم يسأل مسألة مسكين متضرع خائف فهو معتد" (١).

وقد وصف الله زكريا وأهله بأنهم يدعون الله تعالى رغبة ورهبة فقال: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (٩٠)[الأنبياء: ٩٠]، هذا والتضرع هو حقيقة الدعاء ولا يخفى على العاقل ما فيه من أثر واضح في إجابة الدعاء ولهذا كان كل من يصدق في رغبته في الدعاء لا بد أن يتضرع حتى ولو كان مشركاً في غير وقت الرغبة الصادقة الملحة، قال تعالى: ﴿قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً﴾ [الأنعام: ٦٣].

الإلحاح (٢) والتكرار وعدم الضجر والملل:

ويحصل الإلحاح بتكرار الدعاء مرتين وثلاثاً وأكثر لكن الاقتصار على الثلاث مرات أفضل اتباعاً (٣) للحديث حيث ورد ما يدل على تكريره للدعاء ثلاث مرات فقد روى ابن مسعود أن رسول الله كان يعجبه أن يدعو ثلاثاً ويستغفر ثلاثاً (٤).


(١) الفتاوى: ١٥/ ٢٣.
(٢) ذكره الحليمي وعده من الآداب: ١/ ٥٥٣، ٥٣١، وابن القيم في الجواب الكافي ص: ٥، والغزالي في الإحياء: ١/ ٣٦٤، وعنه النووي في الأذكار ص: ٣٥٤، وبوب البخاري فقال باب تكرير الدعاء: ١١/ ١٩٢، وذكره ابن الجوزي كما في غذاء الألباب: ٢/ ٥٠٦.
(٣) إتحاف السادة: ٥/ ٣٩.
(٤) أبو داود: ٢/ ١٨٢ رقم ١٥٢٤، والنسائي في عمل اليوم والليلة ص: ٣٣١ رقم ٤٥٧، وعنه ابن السني ص: ١٧٨ رقم ٣٦٨، وابن حبان: "موارد ٥٩٨ رقم ٢٤١٠" والحديث رجاله ثقات.

<<  <  ج: ص:  >  >>