للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنه، ثم لو كان الدعاء بتحصيل ما هو مضمون الوقوع ممنوعًا لما ساغ الدعاء بالصلاة على النبي ولا بالوسيلة له ولا بلعن الشياطين ونحو ذلك مما فيه إظهار العجز والعبودية أو الرغبة بحب النبي أو حب الدين أو النفرة عن فعل الكافرين (١). ثم إنه يمكن حمله على طلب مثله أو الإجابة بإعطاء العوض في الدنيا والآخرة (٢).

وسيأتي مزيد مناقشة لهذا القول إن شاء الله تعالى (٣).

[ج - المذهب الثالث]

إن الدعاء علامة وأمارة ودلالة محضة على حصول المطلوب المسؤول، وجعلوا ارتباطه المطلوب ارتباط الدليل بالمدلول لا ارتباط السبب بالمسبب بمنزلة الخبر الصادق والعلم السابق وبمنزلة رؤية الغيم الأسود البارد في زمن الشتاء وإن ذلك دليل وعلامة على أنه ممطر وقالوا مثل ذلك في حكم الطاعات مع الثواب والكفر والمعاصي مع العقاب، هي أمارات محضة لوقوع الثواب والعقاب لا أنها أسباب لذلك. وهكذا عندهم الكسر مع الانكسار، والحرق مع الإحراق، والإزهاق مع القتل ليس شيء من ذلك سببًا البتة ولا ارتباط بينه وبين ما يترتب عليه إلا مجرد الاقتران العادي لا التأثير السببي (٤).

وهذا القول "هو قول من ينفي الأسباب في الخلق والأمر ويقول: إن الله يفعل عندها لا بها، وهو قول طائفة من متكلمي أهل الإثبات للقدر كالأشعري وغيره وهو قول طائفة من الفقهاء والصوفية" (٥).


(١) حاشية ابن عابدين على الدر: ١/ ٥٢٢.
(٢) أنوار البروق: ٤/ ٢٧٤.
(٣) سيأتي ص: ٤٠٦.
(٤) جامع الرسائل: ١/ ٨٨، واقتضاء الصراط: ٣٥٨، والفتاوي: ٨/ ١٩٢، ٥٣١، والجواب الكافي: ١٥.
(٥) جامع الرسائل: ١/ ٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>