للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهي صريحة في دلالتها، قطعية الثبوت، وقطعية الدلالة، وذلك أن القرآن الكريم كله في التوحيد وبيان ما يناقضه أو يناقض كماله من الذرائع والوسائل، وبيان جزاء أهل التوحيد وأهل من اتصف بضده في الدنيا والآخرة (١).

وقد تقدم أنه لم يرد في القرآن الكريم في نوع من أنواع الشرك والكفر -مثل ما ورد في الدعاء بنوعيه- مما يدل على التحذير منه وكفر من ارتكبه، ومثل القرآن السنة النبوية التي تشرح القرآن وتبينه، فإذا كان الأمر كذلك فالواجب أن يرد ما يشتبه أنه يخالف هذا المحكم البين إليه لا أن يؤخذ بالمتشابهات ويتعسف في تأويل المحكمات كما هو صفة الذين في قلوبهم زيغ، وقد حذر الرسول من الذين يتبعون المتشابهات فقال في حديث عائشة : "فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم" (٢).

[٢ - الجواب الثاني]

إن هؤلاء الذين يحتجون بهذه الشبهات لا يقبلون في باب العقائد -حسب زعمهم- إلّا القطعي من الأدلة، إذ من أصولهم (٣) المقررة لديهم أن غير قطعيِّ الثبوتِ والدلالةِ -يريدون بذلك ما لم يكن متواتراً صريح الدلالة- لا يقبل، فالأحاديث المشهورة الصحيحة الثابتة الصريحة الدلالة-


(١) مدارج السالكين: ٣/ ٤٥٠، وشرح الطحاوية: ٣٨، وتيسير العزيز: ٣٨ - ٣٩، وفتح المجيد: ١٥.
(٢) أخرجه البخاري: ٨/ ٢٠٩ رقم ٤٥٤٧، ومسلم: ٤/ ٢٠٥٣ رقم ٢٦٦٥، وأبو داود: ٥/ ٦ رقم ٤٥٩٨.
(٣) انظر شروطهم العشرة لإفادة الدليل النقلي لليقين، والخلاف في إفادته اليقين أو عدم الإفادة في: المحصل للرازي: ٧١، والمواقف للإيجي: ٤٠، وأصول الدين للبغدادي: ١٢ - ١٣، ويراجع شرح المقاصد للتفتازاني: ١/ ٦، وشرح العقائد النسفية له أيضاً: ١٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>