للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حكم الدعاء عند الأضرحة]

إن الدعاء عند قبر ولي أو نبي أو ما يعتقد أنه قبر نبي أو ولي ولم يكن كذلك له ثلاث صور - كما تقدم (١) - والحكم يختلف بحسب اختلاف الصور:

فالصورة الأولى: أن يقصد القبر ويتحراه للدعاء عنده فقط معتقداً أن الدعاء هناك أجوب وأن لذلك المكان خصوصية في إجابة الدعاء، وأن الدعاء هناك أفضل من الدعاء في المساجد والبيوت.

الثانية: أن يقصد القبر للزيارة والدعاء عنده معتقداً لما تقدم.

الثالثة: أن يحصل الدعاء عند القبر بحكم الاتفاق بدون قصد وتحر كمن يدعو الله في طريقه، ويتفق أن يمر بالقبور، أو من يزورها فيسلم عليها ويسأل الله العافية له وللموتى كما جاءت به السنّة (٢).

[الحكم في هذه الصور]

إن الصورة الأولى والثانية فيهما تحري الدعاء عند القبر، والتحري له حكم خاص لأن الرجل ما يتحرى ويخصص مكاناً معيناً للدعاء إلا وقد سيطر على لبه وعقله اعتقاد أن لذلك المكان خصوصية ودخلاً في إجابة الدعاء، فلذا توجه إلى تلك البقعة، والأصل في الشرع "أنه لا يستحب للداعي أن يستقبل إلا ما يستحب أن يصلي إليه، ألا ترى أن الرجل لما نهي عن الصلاة إلى جهة المشرق وغيرها فإنه ينهى أن يتحرى استقبالها وقت الدعاء" (٣) فمن هنا صار تحري الدعاء عند القبر ممنوعاً.

وأما لو وقع الدعاء ضمناً بدون تحر فالحكم يختلف "كما أن من دخل المسجد فصلى تحية المسجد ودعا في ضمنها لم يكره ذلك، أو


(١) تقدم ص: ٥٠٨.
(٢) اقتضاء الصراط المستقيم ص: ٣٣٦.
(٣) اقتضاء الصراط: ٣٦٥، وعنه في الصارم المنكي ص: ٢٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>