للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

توضأ في مكان وصلى هناك ودعا في ضمن صلاته لم يكره ذلك، ولو تحرى الدعاء في تلك البقعة أو في مسجد لا خصيصة له في الشرع دون غيره من المساجد نهي عن هذا التخصيص" (١).

فتبين من هذا أن تحري الدعاء عند القبر بدعة منكرة وهي من البدع التي تضارع دين النصارى بل يخشى أن تصل في بعض الأحوال إلى الشرك الواضح (٢)، فهو وإن لم يصل في جميع صوره إلى الشرك لكنه باب واسع يوصل إلى الشرك وذريعة إليه.

قال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب : "أما بناء القباب عليها فيجب هدمها ولا علمت أنه يصل إلى الشرك الأكبر، وكذلك الصلاة عنده، وقصده لأجل الدعاء فكذلك لا أعلمه يصل إلى ذلك، ولكن هذه الأمور من أسباب حدوث الشرك فيشتد نكير العلماء لذلك … وذكر العلماء أنه يجب التغليظ في هذه الأمور لأنَّه يفتح باب الشرك" (٣).

وأما الحكم في الصورة الثالثة: وهي ما إذا لم يتحر الدعاء عند القبر، وجاء عند القبر للزيارة فقط، أو مر على المقبرة فسلم ودعا لأهل المقبرة ثم دعا لنفسه، فالحكم في هذه الصورة أن الدعاء لا بأس به لأنَّه وقع ضمناً وتبعاً، ولم يقصد ويدل على ذلك الأحاديث الواردة في السلام على أهل القبور.


(١) الاقتضاء ص: ٣٧٠.
(٢) انظر مؤلفات الشيخ القسم الثالث: الفتاوى: ٦٠، وقد ذكر شيخ الإسلام أن تحري استقبال الجهة التي فيها المعظم في الدعاء شرك واضح وأنَّه من البدع التي تضارع دين النصارى. اهـ. انظر الاقتضاء ص: ٣٦٥، ونحوه قول الشوكاني (فهو على خطر الوقوع في الشرك فضلاً عن كونه عاصياً) الدر النضيد: ٤٧.
(٣) مؤلفات الشيخ القسم الثالث، الفتاوي: ٧٠، وانظر الرد على البكري ص: ٢٦، هذا وربما يفهم من كلام ابن تيمية المنقول في الحاشية السابقة أنه شرك ولكن كما أشرنا أن ذلك إذا اقترن بالدعاء عند القبر تعظيم له يصل إلى حد الشرك أو قصد الاستمداد من روح الميت المزور مما يفيض عليه كما تقدم في ص: ٥١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>