للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد ورد في حديث بريدة بن الحصيب قوله : "أسأل الله لنا ولكم العافية" (١)، وفي حديث عائشة مرفوعاً: "ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين" (٢).

وهذا الدعاء الذي لم يتحر فيه يكون في الغالب يسيراً وخفيفاً كما في الحديثين السابقين، وعلى هذا يحمل ما ورد عن بعض السلف أنهم ذكروا في المناسك أنه بعد تحية النبي والصلاة والسلام عليه يدعو مستقبل القبلة "فقد ذكر الإمام أحمد وغيره أنه يستقبل القبلة، ويجعل الحجرة عن يساره لئلا يستدبره، وذلك بعد تحيته والصلاة والسلام، ثم يدعو لنفسه، وذكر أنه إذا حَيَّاه وصلى عليه يستقبل وجهه -بأبي هو وأمي ، فإذا أراد الدعاء جعل الحجرة عن يساره واستقبل القبلة ودعا وهذا مراعاة منهم لذلك، فإن الدعاء عند القبر لا يكره مطلقاً، بل يؤمر به للميت كما جاءت به السنة فيما تقدم ضمناً وتبعاً، وإنما المكروه أن يتحرى المجيء للقبر للدعاء عنده" (٣) فتقرر بهذا جواز الدعاء الواقع عند القبر بدون تحر.

ولكن جواز الدعاء إذا وقع بدون تحر ليس أمراً متفقاً عليه بين العلماء فقد اختلف السلف في ذلك، فمنهم من منع الدعاء مطلقاً، ومنهم من أجاز ذلك بشروط.

فالمنقول عن السلف والذي تقتضيه عباراتهم أنهم يكرهون الوقوف عند القبر مطلقاً وقد تقدم قول مالك : "لا أرى أن يقف عند قبر النبي يدعو ولكن يسلم ويمضي".

فهذا يقتضي أن مالكاً يرى عدم الوقوف عند القبر مطلقاً سواء تحرى الدعاء أم لا.


(١) أخرجه مسلم: ٢/ ٦٧١ رقم ٩٧٥.
(٢) أخرجه مسلم: ٢/ ٦٧١ رقم ٩٧٤.
(٣) اقتضاء الصراط: ٣٦٤، والصارم: ٢٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>