للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكتاب العزيز بقوله سبحانه: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ (١).

وقال ابن القيم: إن هذا القرب المذكور في القرآن والسنة قرب خاص وهو غير قرب الإحاطة (٢) وذكر شيخ الإسلام أيضًا أن القرب هنا خاص بحالة الدعاء وليس قربًا عامًا في جميع الأحوال (٣).

والمقصود هنا إثبات أن الدعاء يقتضي ويستلزم اعتقاد الداعي أن المدعو قريب يسمع يعلم سره ونجواه، إذ لولا هذا لما وجه نداءه وأنه معه وجه نداءه لمن ليس قريبًا منه، فمن صرف الدعاء لغير الله تعالى يلزمه أن يعتقد هذا القرب له.

[ومن الصفات التي هي من لوازم الدعاء صفة الحياة والقيومية]

إذ الميت أو النائم أو الغافل لا يستطيع التصرف لنفسه فكيف يغيث مضطرًا وينقذ هالكًا؟

ولهذا التلازم عاب الله تعالى المشركين بدعائهم للأصنام التي ليس

لها حياة فضلًا عن القوامة فقال: ﴿وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ (٢٠) أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (٢١)[النحل: ٢٠ - ٢١].

وقد بقيت صفات كثيرة من لوازم الدعاء ومقتضياته، من ذلك صفة الإرادة المطلقة والجود والكرم والرأفة والرحمة والغنى وغيرها، إذ المتصف بأضدادها لا يرجى خيره ولا يطمع في إحسانه، ولا يتعرض

لفضله ونواله.

ونكتفي بهذا القدر في تتبع الصفات التي يعتقدها الداعي للمدعو،


(١) قطر الولي: ٣٩٩.
(٢) انظر طريق الهجرتين ص: ٢٢.
(٣) انظر الفتاوى: ٥/ ١٢٩ - ١٣٠ و ٢٤٠ - ٢٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>