للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من عباده، قال تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ﴾ [البقرة: ١٨٦]، قيل في سبب نزولها: إنها نزلت في سائل سأل النبي فقال: يا محمد أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه؟ فأنزل الله: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي﴾ عني الآية (١)، هذا وإن صفة المعية من خصائص الله تعالى وليست كمعية المخلوق كما هو في باقي صفات الله تعالى، قال تعالى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١].

وقد دل الدليل الصريح على دلالة الدعاء واستلزامه لصفة المعية في دعاء الله تعالى ومن ذلك قوله في الحديث القدسي: يقول الله تعالى: "أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا دعاني" (٢).

قال ابن كثير في معنى الحديث: وهذا كقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (١٢٨)[النحل: ١٢٨]، وقوله لموسى وهارون : ﴿إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى﴾ [طه: ٤٦]، والمراد من هذا أنه تعالى لا يخيب دعاء داع ولا يشغله عنه شيء بل هو سميع الدعاء ففيه ترغيب للدعاء وأنه لا يضيع لديه تعالى (٣).

فالله قريب يسمع من دعاه، ولا يحتاج إلى واسطة تبلغه وترفع الأمر إليه أو تؤثر في إرادته ومشيئته أو واسطة تعينه أو تنوب عنه.

ثم هذا القرب الذي يحصل للداعي المخلص هو من أعظم أنواع القرب إلى الله تعالى، وهو قرب خاص.

قال الشوكاني: "أعظم أنواع قرب العبد من الرب ما صرح به في


(١) أخرجه ابن جرير الطبري: ٢/ ١٥٨، وابن أبي حاتم كما في ابن كثير: ١/ ٢١٨، وفيه أن أعرابيًا .. إلخ، والبغوي: ١/ ١٥٥، وذكره في زاد المسير: ١/ ٨٨٨.
(٢) أخرجه البخاري: ١٣/ ٣٨٤ رقم ٧٤٠٥، ومسلم: ٤/ ٢٠٦١، ٢٠٦٧ رقم ٢٦٧٥.
(٣) تفسير ابن كثير: ١/ ٢١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>