للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التأثير على الناس في اعتقاد علم هؤلاء للغيب ومعرفتهم بالداعي وأحواله وابتهالاته. وهذا الاعتقاد الفاسد تسرب إلى بعض المسلمين بطريق المتصوفة وتسرب إلى المتصوفة من طريق الروافض، فإنهم قد ادعوا لأئمتهم معرفة الغيب وغلوا في ذلك، فمن ذلك ما ادعوه لمهديهم الغائب من أنه قال في إحدى توقيعاته: نحن وإن كنا نائين بمكاننا النائي عن مساكن الظالمين. فإنا نحيط علمًا بأنبائكم، ولا يعزب عنا شيء من أخباركم ومعرفتنا بالذل الذي أصابكم … إنا غير مهملين لمراعاتكم ولا ناسين لذكركم ولولا ذلك لنزل بكم البلاء" (١).

وزعموا أيضًا أن عليًا قال في الغائب: تسمع الكلام وتسلم على الجماعة ترى ولا ترى" (٢)، وقال أحدهم مجيزًا دعاء غائبهم المنتظر: "لا يخفى علينا أنه (ع) وإن كان مخفيًا عن الأنام ومحجوبًا عنهم ولا يصل إليه أحد ولا يعرف مكانه إلا أن ذلك لا ينافي ظهوره عند المضطر المستغيث به الملتجئ إليه الذي انقطعت عنه الأسباب، وأغلقت دونه الأبواب، فإنَّ إغاثة الملهوف وإجابة المضطر في تلك الأحوال، وإصدار الكرامات الباهرة والمعجزات الظاهرة هي من مناصبه الخاصة كما يظهر من الحكايات المتعددة التي نقلها العلماء الأعلام رضوان الله عليهم في محالها، فعند الشدة وانقطاع الأسباب من المخلوقين وعدم إمكان الصبر على البلايا. يستغيثون به ويلتجئون إليه" (٣).

[صفتا السمع والبصر]

ومن الصفات التي هي من مقتضيات الدعاء ولوازمه صفتا السمع والبصر العامين وذلك لأن من شأن الداعي أن يعتقد أن المدعو المنادى المستغاث به يسمع نداءه واستصراخه ويري تضرعه وتذلله وانطراحه بين


(١) الاحتجاج للطبرسي: ٢/ ٤٩٧، وتاريخ الغيبة الكبرى للصدر: ٥١.
(٢) الغيبة للنعماني: ١٤٤.
(٣) المهدي وظهوره للشاهرودي ص: ٣٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>