للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مناقشة هذا المذهب]

ذكرنا فيما مضى أن إنكار الأسباب مضلة في الفكر ونقصان في العقل وأن الله سبحانه قد أنكر على من سوى بين وجود الأسباب وعدمها بما فيه الكفاية وفي ذلك رد على هذا القول، إلا أن هذا القول لم ينكر في الظاهر وجود الأسباب وإن كان في الحقيقة يؤدي إلى إنكارها ويؤول إلى الجبر لأنه يقول أن الأشياء توجد عند الأسباب لا بها، فالأشياء توجد مقترنة بالأسباب لا بالأسباب.

وهذا هو الرأي المعروف بكسب الأشعري (١).

وقد اختلف الناس في الأسباب من قدرة العبد وغيرها من الأسباب التي خلق الله تعالى بها المخلوقات على أربعة أقوال:

١ - قول من ينكر الأسباب بالكلية وأنها ليست أسبابًا وأن وجودها كعدمها وليس هناك إلا مجرد اقتران عادي كاقتران الدليل بالمدلول، فهذا هو قول الأشعري ومن تبعه من أهل الكلام.

٢ - قول الطبعيين الذين يجعلونها عللًا مقتضية مؤثرة بنفسها.

٣ - قول المعتزلة الذين يفرقون بين أفعال الحيوان وغيرها.

٤ - القول الرابع قول أهل السنة والجماعة الذين يعترفون بالأسباب وأن الله ربط الأسباب بالمسببات "وأن العبد فاعل لفعله حقيقة، وله قدرة واختيار وقدرته مؤثرة في مقدورها كما تؤثر القوى والطبائع، وغير ذلك من الشروط والأسباب" (٢).

فالأقوال الثلاثة الأول باطلة، فأما بطلان قول الطبعيين والمعتزلة


(١) انظر معنى الكسب عندهم في أصول الدين للبغدادي ص: ١٣٣ - ١٣٤، ومحصل الرازي ص: ٢٨٧، والمواقف للأيجي: ٣١١ - ٣١٢، ومنهاج السنة: ٣/ ٢٠٩.
(٢) منهاج السنة: ٣/ ١٠٩، ١٢، والفتاوى: ٨/ ١٧٥، ١٣٧ - ١٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>