للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فواضح وأما بطلان قول الأشعري ومن تبعه فكذلك لأنه مخالف للحس والعقل ولفظ القرآن وهو أحد عجائب الدنيا الغريبة والتي هي غير معقولة لا يصدقها العقل وأنشد في ذلك بعضهم:

مما يقال ولا حقيقة تحته … معقولة تدنو إلى الأفهام

الكسب عند الأشعري والحال عند … البهشمي وطفرة النظام (١)

أما كونه مخالفًا للحس والعقل فلأن الحس والعقل يشهدان بأنها أسباب ويعلمان الفروق بين الجبهة وبين العين في اختصاص أحدهما بقوة ليست في الآخر وبين الخبز والحصى في أن أحدهما يحصل به الغذاء دون الآخر (٢).

وعند التأمل فقول الأشاعرة بالكسب يؤول إلى الجبر فلا فرق في الحقيقة بين الجبر وبين الكسب المزعوم.

ذكر الألوسي أن الضرورة تكذب قول الجبرية القائلين بأن أفعال العباد كحركة المرتعش وأن القول بأن لهم قدرة غير مؤثرة كاليد المشلولة كما هو الشائع من مذاهب الأشاعرة يؤول إلى قول الجبرية إذ لا فرق بين قدرة لا أثر لها وبين عدم القدرة بالكلية إلا بما هو كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئًا، وأن القول بأن لهم قدرة مستقلة يفعلون بها ما شاؤوا كما هو قول المعتزلة، ترده النصوص القواطع، وأن صدور الفعل من العباد يستدعي قدرة يكون بها الإيجاد، وأن تفسير ذلك بالكسب لا يرتضيه المنصف العاقل، وأن القول بأن للعباد قُدَرًا مؤثرة بإذن الله وإعانته هو اللبن السائغ الذي يخرج من بين فرث ودم بلا جبر ولا تفويض (٣). وهذا الكلام الذي ذكره الألوسي هو الحق الذي لا مرية فيه، وهو الذي يجب قبوله على المنصف، وقد


(١) منهاج السنة: ١/ ٤٥٩.
(٢) الفتاوى: ٨/ ١٧٥.
(٣) روح المعاني: ١/ ٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>