للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإنما العالم فاض عنه فيقولون: إذا توجه الداعي إلى من يدعوه كتوجهه إلى الموتى عند قبورهم وتوجهه إلى الأرواح العالية فإنه يفيض عليه ما يفيض من ذلك المعظم الذي دعاه واستغاث به وخضع له من غير فعل من ذلك الشفيع ولا سؤال منه الله تعالى كما يفيض شعاع الشمس على ما يقابلها من الأجسام الصقيلة كالمرآة ونحوها ثم ينعكس الشعاع من ذلك الجسم الصقيل إلى حائط أو غيره (١).

ولأجل هذا يرون دعاء الموتى عند قبورهم وغير قبورهم ويتوجهون إليهم، وكثير منهم ومن غيرهم من الجهال يرون أن الصلاة والدعاء عند قبور الأنبياء والصالحين من أهل البيت وغيرهم أفضل من الصلوات الخمس والدعاء في المساجد وأفضل من حج البيت العتيق، كما أنهم جعلوا الفائدة في زيارة قبورهم من هذا الوجه، وقالوا: إن الأرواح المفارقة تجتمع هي والأرواح الزائرة فيقوى تأثيرها (٢).

[الحكم]

ولا يخفى بعد إيراد اعتقاد هؤلاء في معنى الشفاعة أن هذه الشفاعة التي أثبتوها هي من أعظم الشرك بالله تعالى.

وهذا الذي ذكروه هو السبب الرئيسي في عبادة أصناف المشركين لغير الله تعالى.

قال ابن القيم: "وبهذا السر عبدت الكواكب واتخذت لها الهياكل وصنفت لها الدعوات واتخذت الأصنام المجسدة لها، وهذا بعينه هو الذي أوجب لعباد القبور اتخاذها أعيادًا وتعليق الستور عليها، وإيقاد


(١) الرد على المنطقيين: ٥٣٥ - ٥٣٦، والصفدية: ٢/ ٢٨٧، والرد على البكري: ٦٢، ٢٦٧ - ٢٦٨، وملحق المصنفات: ٩٧.
(٢) الرد على المنطقيين: ١٠٣ - ١٠٤، وإغاثة اللهفان: ١/ ١٦٩ - ١٧٠، والرد على البكري: ١٦٧ - ١٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>