للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنه غفر الله ذنوبه، أي سترها، والغفر، والمغفرة، التغطية على الذنوب والعفو عنها (١).

[المناسبة بين الاستغفار والدعاء]

الدعاء يعم ما كان طلبًا للخير أو طلبًا لدفع الشر، والاستغفار خاص بطلب دفع الشر، فكل استغفار دعاء، وليس كل دعاء استغفارًا.

قال شيخ الإسلام في شرح حديث النزول: "من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له" (٢): "فذكر أولًا لفظ الدعاء، ثم ذكر السؤال، والاستغفار، والمستغفر سائل، كما أن السائل داع، لكن ذكر السائل لدفع الشر بعد السائل الطالب للخير، وذكرهما جميعًا بعد ذكر الداعي الذي يتناولهما وغيرهما، فهو من باب عطف الخاص على العام" (٣) ومثله قول الحافظ ابن حجر في شرح الحديث: "والفرق بين الثلاثة: أن المطلوب إما لدفع المضار أو جلب المسار، وذلك إما ديني وإما دنيوي، ففي الاستغفار إشارة إلى الأول وفي السؤال إشارة إلى الثاني، وفي الدعاء إشارة إلى الثالث" (٤).

ثم إنه قد ورد التفريق بينهما في الأثر على وجه آخر لا يتعلق بالنظر إلى صيغتهما بل إلى وصفهما وهو ما روي عن ابن عباس مرفوعًا وموقوفًا: "المسألة أن ترفع يديك حذو منكبيك أو نحوهما والاستغفار أن تشير بإصبع واحدة، والابتهال أن تمد يديك جميعًا، وفي لفظ: "هكذا الإخلاص يشير بإصبعه التي تلي الإبهام، وهذا الدعاء فرفع يديه حذو منكبيه وهذا الابتهال فرفع يديه مدًا … " (٥). وهذا الحديث تفسير


(١) الصحاح: ٢/ ٧٧٠ - ٧٧١، والنهاية: ٣/ ٣٧٣، واللسان: ٦/ ٣٢٧٣ - ٣٢٧٤.
(٢) سيأتي تخريجه إن شاء الله تعالى في ص: ٢١٦.
(٣) الفتاوى: ١٠/ ٢٣٩، ونحوه في اقتضاء الصراط المستقيم: ٤١٢.
(٤) فتح الباري: ٣/ ٣١.
(٥) أخرجه أبو داود: ٢/ ١٦٥ - ١٦٦ رقم ١٤٨٩، وابن فضيل في الدعاء برقم ١٦، =

<<  <  ج: ص:  >  >>