للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد سمى بعضهم الاستغاثة (١) في الأمور الظاهرة بدعاء العادة وعرفه بأنه "ما يطلبه الناس بعضهم من بعض مما يقدرون عليه بالأسباب التي سخرها الله لهم".

الصورة الثانية: أن يسأل الحي الحاضر ما لا يقدر عليه إلا الله تعالى مثل شفاء المريض وكشف الكروب ودفع المرهوب، ونيل المرغوب، مما لا يقدر عليه إنسان بقوته البشرية بل يحتاج إلى قوة غيبية وسلطان غيبي، بأن يكون تأثيره بدون مباشرة الأسباب، العادية سواء اعتقد تأثير تلك القوة تأثيرًا مستقلًا أو بالتوسط لدى المؤثر الحقيقي، وهذه الصورة كثيرًا ما تقع من المريدين في شيوخهم فيطلب المريد من شيخه إزالة مرض وكشف ضر وإيصال نفع بل ربما يطلب منه ستر العيوب وغفران الذنوب والخطايا والنجاة من النار والمساعدة في سؤال القبر وغير ذلك.

وربما يحبذ بعض شيوخ الضلال لمريديه دعاءه والاستغاثة به في حياته ومماته وحضوره ومغيبه (٢).

[حكم هذه المرتبة]

ففي الصورة الأولى يكون السؤال جائزًا لا مانع منه ولكن سؤال الناس ليس مأمورًا به إلا في سؤال العلم (٣).

وذلك لأن أصل سؤال الخلق الحاجات الدنيوية التي لا يجب عليهم فعلها ليس واجبًا على السائل ولا مستحبًا، بل المأمور به سؤال الله تعالى والرغبة إليه والتوكل عليه.

وسؤال الخلق في الأصل محرم لكنه أبيح للضرورة، وتركه توكلًا


(١) وهو الشيخ رشيد رضا في تعليقه على صيانة الإنسان ص: ٣٧٤. ومثله في كلام أبي السمح عبد الظاهر في حياة القلوب: ٣١.
(٢) انظر الرد على البكري: ٣٥١، وما تقدم ص: ٤٧٠.
(٣) قاعدة جليلة: ٣٧، والرد على البكري: ٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>