للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه واعتياضًا بسؤال الخالق أفضل، قال تعالى: ﴿فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (٧) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ﴾ [الانشراح: ٧ - ٨] أي ارغب إلى الله تعالى لا إلى غيره (١). كما يفيده تقديم المعمول على العامل.

وعنه أنه طائفة بايع من أصحابه وأسرّ إليهم كلمة خفيفة ألا تسألوا الناس شيئًا، قال راوي الحديث عوف بن مالك: "فلقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط السوط من يده فلا يقول لأحد ناولني إياه" (٢).

وقال : "لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه" (٣).

وإنما يباح من السؤال سؤال من له عند غيره حق من عين أو دين كالأمانات والغنيمة وغيره من الأموال المشتركة وسؤال النفقة لمن تجب عليه والغريم لمن عليه دينه ونحو ذلك (٤).

وأما غير ذلك فلا يستحب السؤال بل هو مكروه إما تحريمًا أو تنزيهًا لأن "سؤال المخلوقين فيه ثلاث مفاسد: مفسدة الافتقار إلى غير الله وهي من نوع الشرك، ومفسدة إيذاء المسؤول وهي من نوع ظلم الخلق، وفيه ذل لغير الله وهو ظلم للنفس، فهو مشتمل على أنواع الظلم الثلاثة" (٥).

وأما الحكم في الصورة الثانية وهي أن يسأل الحاضر ما لا يقدر عليه فهو الشرك المبين، لأن الدعاء عبادة، وقد صرفها الداعي لهذا المدعو العاجز.


(١) قاعدة في التوسل: ٣٤، والرد على البكري: ٩٨.
(٢) أخرجه مسلم: ٢/ ٧٢١ رقم ١٠٤٣، وتقدم ص: ٤٢٣.
(٣) أخرجه البخاري: ٣/ ٣٣٥ رقم ١٤٧٠ من حديث أبي هريرة ورقم ١٤٧١ من حديث الزبير ومسلم: ٢/ ٧٢١ رقم ١٠٤٢ من حديث أبي هريرة.
(٤) قاعدة في التوسل: ٣٧.
(٥) المرجع السابق: ٤١ - ٤٢، والرد على البكري: ١٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>