للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويسأم ويترك الدعاء، واللائق بالعبد أن يلازم الطلب ولا ييأس ولا يستعجل، فإن العبد لا يعرف المصلحة هل هي في وقوع المطلوب بالسرعة أو في تأخيرها أو دفع بلاء آخر لا يدريه هو أو ادخار الأجر له في الآخرة؟ وليس ذلك من شأن العبد فعليه أن يكل الأمور إلى عالم الغيب والشهادة ويسأل الله تعالى، ثم إن الدعاء عبادة عظيمة، وليس لمجرد قضاء الحاجات السريعة فقط.

وقد ورد النهي عن استعجال الدعاء وأن ذلك من موانع الإجابة فقد روى أبو هريرة أن رسول الله قال: "يستجاب لأحدكم ما لم يعجل، يقول: دعوت فلم يستجب لي" وفي لفظ لمسلم: "لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل، قيل: يا رسول الله: ما الاستعجال؟ قال: يقول: قد دعوت، وقد دعوت فلم أرَ يستجيب لي فيستحسر عند ذلك ويدَعُ الدعاء" (١).

وقال بعضهم: "لا يكن تأخرُ أَمَدِ العطاء مع الإلحاح في الدعاء مُوجباً ليأسك فهو الذي ضمن لك الإجابة فيما يختاره لك لا فيما تختاره لنفسك، وفي الوقت الذي يريد لا في الوقت الذي تريد" (٢).

ولعل الحكمة في المنع (٣) من ذلك:

١ - أن هذا القول يدل على تضجر قائله وملله وهذا يؤدي إلى انقطاعه عن الدعاء وتركه له، وفي ذلك ترك لأهم العبادات، وقد أشير إلى هذا في الحديث بقوله: "فيستحسر عند ذلك ويدَع الدعاء".

٢ - أن هذا القول فيه اتهام للرب وتبخيل للكريم


(١) أخرجه البخاري: ١١/ ١٤٠ رقم ٦٣٤٠، ومسلم: ٤/ ٢٠٩٥ - ٢٠٩٦ رقم ٢٧٣٥، وابن ماجه: ٢/ ١٢٦٦ رقم ٣٨٥٣.
(٢) الحكم العطائية مع شرحها غيث المواهب العلية ص: ٦٤.
(٣) انظر المنهاج للحليمي: ١/ ٥٣٠، والفتح: ١١/ ١٤٠ - ١٤١، وإتحاف السادة: ٥/ ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>