وهذا التقسيم الرابع هو التقسيم الأحسن والأدق، لأنه أشمل وأعم، كما أنه أوجز وأخصر، فلهذا فهو أدق وأحكم، أما كونه أشمل وأعم، فلأنه يدخل فيه جميع أنواع الدعاء، فلم يخرج عنه شيء لم يشمله، وأما كونه أوجز وأخصر فواضح لكون القسمة فيه ثنائية، وأما كونه أدق وأحكم فلسلامته من الاعتراضات التي في التقسيمات الأخرى.
وجه انقسام الدعاء إلى نوعين:
قد ذكرنا في تعريف الدعاء أن معناه هو الرغبة والقصد والتوجه إلى المدعو وهذا القصد والتوجه إلى المدعو يكون "تارة لذاته، وتارة لمسألته أمرًا منه، وهذا كالشخص يدعو غيره، ويطلبه، ويقصده، تارة لذاته، وتارة لأمر يطلبه منه"(١).
فالقصد إلى المدعو لذاته هو المسمى بدعاء العبادة والثناء، والقصد إلى المدعو لمسألته هو المسمى بدعاء المسألة، وهذا هو وجه انحصار وانقسام الدعاء إلى نوعين فقط.
ثم إن كلا النوعين من دعاء الثناء والذكر والعبادة ودعاء المسألة والطلب فيه خاصية وفائدة لا تكون في النوع الآخر ففي الثناء والعبادة تمتلئ القلوب بعظمة الله وجلاله وفي السؤال والطلب تمتلئ بالرغبة والانطراح بين يدي الله تعالى.
قال الإمام الدهلوي ﵀: واعلم أن الدعوات التي أمرنا بها النبي ﷺ على قسمين:
أحدهما: ما يكون المقصود منه أن تملأ القوى الفكرية بملاحظة جلال الله وعظمته، أو يحصل حالة الخضوع والإخبات، فإن لتعبير اللسان عما يناسب هذه الحالة أثرًا عظيمًا في تنبه النفس لها وإقبالها عليها.
والثاني: ما يكون فيه الرغبة في خير الدنيا والآخرة والتعوذ من