للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا يشير إلى أنهم اعتمدوا في مذهبهم على ما روي عن إبراهيم الخليل من قوله: علمه بحالي يغني عن سؤالي وقد تقدم ما فيه.

واستنبط لهم ابن أبي جمرة (١) دليلًا آخر وهو أن النبي أخَّر الدعاء للاستسقاء حتى طلبوه منه، وإنما أخَّر ذلك لأن مقام التفويض أفضل (٢).

وقد رد الشيخ عبد العزيز بن باز - حفظه الله - على هذا الكلام بقوله: "في هذا نظر، والصواب أن الأخذ بالأسباب والبدار بالدعاء، والاستغاثة عند الحاجة أولى وأفضل، وسيرته وسيرة أصحابه تدل على ذلك، ولعله إنما أخر الدعاء لأسباب اقتضت ذلك غير التفويض، فلما سأله هذا السائل بادر بإجابته، وذلك عن إذن الله سبحانه وتشريعه، لأنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، والله أعلم" (٣).

ويمكن أن يجاب عن حديث المرأة التي تصرع وحديث الأنصار في أمرهم بالصبر بأنه رأى منهم الجزع وقلة الصبر فأمرهم بذلك أو أنه أوحي إليه أنه لا يكشف عنهم في ذلك الوقت وأخر الدعاء، قاله الزركشي وتبعه الزبيدي (٤).

ويدل قوله في حديث المرأة: "إن شئت صبرت ولك الجنة" على أن الابتلاء أفضل لها لما يترتب عليه من دخول الجنة فلهذا دعا لها في قضية التكشف مما يدل على أن الدعاء أفضل إذا لم يعارضه ما هو أولى.


(١) هو عبد الله بن أبي جمرة وصفه ابن حجر بالإمام القدوة الذي شرح البخاري، (ت ٦٩٩ هـ) وهو صوفي كما يظهر من كلامه، انظر الدرر الكامنة: ٢/ ٢٥٤، ومعجم المؤلفين: ٦/ ٤٠.
(٢) نقله عن ابن أبي جمرة في الفتح: ٢/ ٥٠٧، ولم يعترض عليه.
(٣) تعليق الشيخ ابن باز على هامش فتح الباري: ٢/ ٥٠٧.
(٤) الأزهية: ٤٩ - ٥٠، وإتحاف السادة: ٥/ ١١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>