للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكتاب توسل إلى الله بتوحيده وإلاهيته وكرر ذلك في دعائه، وقد روي (١) أنه يعرف الاسم الأعظم فهو طالب من الله راغب إليه سائل له، وقد روي أنه قال: "يا ذا الجلال والإكرام" أو قال: "يا إلهنا وإله كل شيء إلهًا واحدًا لا إله إلا أنت ائتني بعرشها"، وقيل إنه توضأ وصلى ركعتين ودعا الله تعالى ولم يدع سليمان ولا توسل به ولا بالأنبياء السابقين بل توجه إلى الله تعالى بالدعاء والصلاة.

٣ - ثم إن سليمان ليس داعيًا بل هو آمر وقد ذكرنا الفرق بين المعنيين فيما تقدم (٢)، وذلك لأن سليمان ملك يأمر رعيته بما يقدرون عليه وهكذا حال الملوك وغيرهم، خصوصًا إذا كان مما يحبه الله ويرضاه …

٤ - ثم إن هذا من باب طلب الدعاء من الحي الحاضر لا سيما إذا كان معروفًا بإجابة الدعاء، فإن الرجل قيل: إنه كان يعرف الاسم الأعظم الذي إذا دعى الله به أجاب ولا يشترط في طلب الدعاء أن يكون المطلوب منه أفضل من الطالب، كما في طلب النبي من عمر إشراكه في الدعاء وطلب عمر من العباس الاستسقاء وأمر النبي الله لعمر بطلب الاستغفار من أويس القرني (٣)، وبهذا علم أن هذا ليس من الطلب من الغائب ولا من الميت وإنما من الحاضر.

٥ - ثم إن هذا الأمر من سليمان يمكن أن يكون بوحي من الله لأنه نبي يعمل ما يعمله بالوحي، وقد يريد الله تعالى إظهار فضل أتباع نبيه سليمان وإظهار كرامتهم عند الله تعالى، فيأمر سليمان بأن يأمر الحاضرين بالتسابق في تقديم الدعاء إلى الله تعالى فمنهم


(١) انظر هذه الروايات التي في هذه القصة تخريجها في تفسير الطبري: ١٩/ ١٦٣، والدر المنثور: ٥/ ١٠٩.
(٢) سبق ص: ١٨.
(٣) قد أخرجت هذه الأحاديث في ص: ٥٠١، ٧٢٠، وحديث أويس في مسلم برقم ٢٥٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>