للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والصالحين لا يتصور من عباد الله الصالحين أن يشفعوا فيها ويطلبوا من الله ذلك، لأنهم ممتثلون لأمر الله تعالى فلا يفعلون ما لا يرضاه الله تعالى من الإشراك به.

فإذا دعاهم رجل وتوسط بهم فهم لا يرضون ذلك فيتبرؤون منه ومن دعائه.

ولقد نهى الله تعالى النبي والمؤمنين من الاستغفار للمشركين فقال: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى﴾ الآية [براءة: ١١٣].

وقال في دعوة نوح لابنه: ﴿قَالَ يَانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (٤٦)(١) [هود: ٤٦].

فتحصل من هذا أن الداعي إن كان مستحقًا للعقاب ورد الدعاء، فالنبي أو الصالح لا يعين على ما يكرهه الله ولا يسعى فيما يبغضه الله، وإن لم يكن كذلك فالله أولى بالرحمة (٢).

ثم إن الأنبياء والصالحين إنما يشفعون يوم القيامة بعد الإذن وهم يفعلون ذلك طاعة لربهم ورغبة في رضاه، فهم يشفعون لمن أذن لهم فيه وإن لم يطلب منهم (٣).

الوجه الخامس: إن قولهم: نحن بعيدون عن الله ومذنبون .. إلخ.

قول باطل من أقوال المشركين فإن الله يقول: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾.

وقد روي (٤) في سبب نزولها أن الصحابة قالوا: يا رسول الله، ربنا


(١) يراجع الواسطة ضمن الفتاوى: ١/ ١٣١.
(٢) الفتاوى: ٢٧/ ٧٥.
(٣) القائد إلى تصحيح العقائد ص: ١٠١ - ١٠٢.
(٤) انظر ما تقدم في ص: ٢٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>