للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - ثم الخطاب في جاؤوك، يدل على حال الحياة لأنه لا يقال لمن جاء إلى قبر رسول الله إنه جاء الرسول وإنما يقال جاء قبر الرسول .

٣ - قوله: "استغفر لهم" يدل على حال الحياة، لأن استغفار الرسول لمن أتاه إنما يتحقق في حياته صلوات الله وسلامه عليه، وأما أنه يستغفر بعد موته لمن أتاه فهذا يحتاج إلى نص صحيح صريح وليس هناك نص صريح صحيح، وسيأتي مناقشة حديث عرض الأعمال الذي يدل على الاستغفار مع أن حديث العرض لو صح إنما يدل على عرض جميع أعمال الأمة وليس لمن جاءه فقط.

٤ - إن الصحابة رضوان الله عليهم لم يفهموا من الآية العموم مع أنهم أعلم الناس بمعاني القرآن ومراد الله تعالى به، إذ لو فهموا من الآية عمومها لحالتي الحياة والموت لطلبوا من النبي الله بعد موته الاستغفار لهم وحل مشكلاتهم، فقد اختلفوا بعد لحوقه بالرفيق الأعلى - مباشرة في أمور مهمة للغاية مثل اختلافهم في محل دفنه وفي ميراثه وفي الخلافة، وحصلت لهم كروب وحروب مثل وقعة الجمل وصفين، وفي هذا ظلم بعضهم لنفسه، ومع هذا لم يأتوا إلى قبره صلوات الله وسلامه عليه ولم يطلبوا منه لا استغفارًا ولا غيره، وقد كانوا في حياته يراجعونه فيما هو أقل من هذا بكثير فكان الرجل منهم يراجعه فيما يقع بينه وبين أهله، فلو فهموا العموم لأتوه ولو أتوه لنقل إلينا لأنه مما تتوافر الهمم على نقله - فدل تركهم الدائم على أنهم لم يفهموا من الآية العموم.

وقد سبق لنا (١) أن الترك الراتب مع وجود المقتضي وعدم المانع سنة، وقد حصل هنا المقتضي وهو ظلم بعضهم لنفسه ولا مانع من الإتيان، فدل هذا على أن ترك المجيء سنة، فعلى هذا فلو قلنا: إن الآية عامة لزم منه أن خير القرون قد عطلوا هذا الواجب وأغفلوه حتى جاء


(١) سبق ص: ٦٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>