للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهؤلاء يخصون الدعاء بالأولياء فقط ولا يقولون بذلك في عامة المؤمنين.

٣ - إن هذا التفسير خلاف الأدلة الصحيحة، فقد دلت النصوص الصحيحة أن الميت ليس له تصرف في الأمور الدنيوية، وليس لمشيئته تأثير على ما يجري في الدنيا.

٤ - سياق الآية يدل على أنها جزاء في الجنة وليس في القبور، ويدل على ذلك قوله تعالى: ﴿فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ﴾ في آية الشورى، كما يدل على ذلك مقابلة هؤلاء الصنف المصدقين بالمكذبين الذين قال الله فيهم: ﴿أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ﴾ فكما أن هذا يقع في الآخرة فكذلك الآخر.

٥ - ثم لو سلمنا جدلًا أن المراد من الآية أن لهم المشيئة المطلقة في القبر يلزمنا أنهم يعلمون ما يجري في الدنيا وهذا يخالف النصوص وتأتي تلك النصوص في حديث عرض الأعمال.

٦ - إن التفسير الصحيح للآية هو ما تدل عليه آيات أخر مثل هذه الآية تمامًا وهي واضحة أن هذه المشيئة هي في الجنة وأنهم ما يشاءون ويشتهون شيئًا إلا حصل لهم، ومن تلك الآيات قوله تعالى: ﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (٣١) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (٣٢) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (٣٣) ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (٣٤) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ (٣٥)[ق: ٣١ - ٣٥] وقوله تعالى: ﴿قُلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا (١٥) لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا (١٦)[الفرقان: ١٥، ١٦].

فهاتان الآيتان في الجنة بدون شك ولا ريب، فكذا الآية التي احتجوا بها، فكل هذه الآيات في الجنة لا في البرزخ، ومثل هذه الآيات قوله تعالى: ﴿وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ﴾ [الزخرف: ٧١].

فتبين مما سبق أن المراد من الآية ليس مشيئة مطلقة وإنما هي مشيئة

<<  <  ج: ص:  >  >>