للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ختم المصحف بحقيقة الإيمان، وهو ذكر الله ودعاؤه كما بنيت عليه أم القرآن، فإن حقيقة الإنسان المعنوية هو المنطق، والمنطق قسمان: خبر، وإنشاء، وأفضل الخبر وأنفعه وأوجبه ما كان خبرًا عن الله كنصف الفاتحة وسورة الإخلاص، وأفضل الإنشاء الذي هو الطلب، وأنفعه وأوجبه، ما كان طلبًا من الله كالنصف الثاني من الفاتحة والمعوذتين (١).

وقال القرطبي: قال بعض العلماء فجعل الله - جل وعز - عُظْمَ الدعاء وجملته موضوعًا في هذه السورة، نصفها فيه مجمع الثناء، ونصفها فيه مجمع الحاجات وجعل هذا الدعاء الذي في هذه السورة أفضل من الذي يدعو به الداعي، لأن هذا الكلام قد تكلم به رب العالمين، فأنت تدعو بدعاء هو كلامه الذي تكلم به، وفي الحديث: "ليس شيء أكرم على الله من الدعاء (٢) " (٣).

فتبين مما سبق مدى عناية القرآن الكريم بالدعاء وافتتاحه به واختتامه به وهذا دليل واضح على منزلة الدعاء ومكانته.

٢ - إن الله قد سمى الدعاء الدين، في غير موضع من كتابه.

قال تعالى: ﴿وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [لقمان: ٣٢].

وقال سبحانه: ﴿فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [العنكبوت: ٦٥].

وقال ﴿هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا جَاءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَاءَهُمُ


(١) الفتاوى: ١٦/ ٤٧٨ - ٤٧٩.
(٢) قد تقدم تخريجه ص: ١٣٦.
(٣) الجامع لأحكام القرآن: ١/ ١٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>