للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقيقة فيما يختص به كل منهما فيكون مشتركًا اشتراكًا لفظيًا، أو حقيقة في القدر المشترك بينهما، وهي الأسماء المتواطئة، وهي الأسماء العامة كلها، وعلى الأول يلزم المجاز، وعلى الثاني يلزم الاشتراك، وكلاهما خلاف الأصل، فوجب أن يجعل من المتواطئة، وبهذا يعرف عموم الأسماء كلها" (١).

ومثل كلمة الدعاء الكلمات الواقعة في القرآن الدالة على معنيين فأكثر فهي من هذا القبيل فمن تلك الكلمات كلمة "دلوك" في قوله تعالى: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ﴾ فسر الدلوك بالزوال، وفسر بالغروب، وليس بقولين بل اللفظ يتناولها معًا فإن الدلوك هو الميل، ودلوك الشمس، ميلها ولهذا الميل مبتدأ ومنتهى، فمبتدأه الزوال، ومنتهاه الغروب، واللفظ متناول لهما بهذا الاعتبار (٢). إذا أطلق الدعاء على النوعين فإنه يطلق عليهما لتضمنه القدر المشترك الذي يتحقق في النوعين، وهذا القدر المشترك الذي يصدق على النوعين ما هو؟.

وفي الحقيقة يصعب التحديد بالدقة القدر المشترك الصادق على النوعين وذلك لأنه أمر كلي لا يوجد كليًا عامًا إلا في الذهن، والتعبير عن ذلك الكلي صعب ويمكن أن نقول: إن القدر المشترك بين نوعي الدعاء هو: "الرغبة إلى الله تعالى للنفع والضر، والابتهال إليه، والتقرب إليه بكل ما يحبه ويرضاه" فهذا القدر المشترك يصدق على النوعين.

كما أنه يمكن أن نقول: إن هذا هو تعريف الدعاء العام الشامل للنوعين وقد تقدم، وقد أشار شيخ الإسلام إلى هذا القدر المشترك في تعريف الصلاة بمعنى الدعاء فذكر أن المعنى العام هو: "دعاء الله أي قصده والتوجه إليه المتضمن ذكره على وجه الخشوع والخضوع" (٣).


(١) الإيمان: ٩٧ - ٩٨.
(٢) الفتاوى: ١٥/ ١١، وبدائع الفوائد: ٣/ ٣.
(٣) الفتاوى لابن تيمية ١٤/ ٢١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>