للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

﴿وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً﴾ [آل عمران: ٨].

وبقي نوع آخر وهو أن تكون الجملة خبرية ولكنها متضمنة للإنشاء لقصد المتكلم منها الإنشاء وذلك نحو السلام عليكم، ففي هذه الحالة تكون الجملة الدعائية متضمنة للإنشاء والإخبار فجهة الخبرية فيها لا تناقض جهة الإنشائية وذلك لأن المعنى كان حاصلًا قبل الإنشاء من غير جهة المتكلم، وليس للمتكلم إلا دعاؤه بحصوله، ومحبته، ففي السلام عليكم السلامة المطلوبة لم تحصل بفعل المُسَلَّم وليس للمسلم إلا الدعاء بها ومحبتها، فإذا قال السلام عليكم تضمن الإخبار بحصول السلامة، والإنشاء للدعاء بها وإرادتها وتمنيها (١).

ثم إن السبب في إطلاق الجملة الخبرية على الطلبية، تلازمهما لأنه إذا استعملت الخبرية في الطلب فإنها إنما استعملت في لازمها وجعل اللازم لقوة الطلب والإرادة له كأنه موجود محقق مخبر عنه فكان هذا طلبًا مؤكدًا ولهذا يكثر ذلك في الدعاء الذي يجتهد فيه الداعي (٢).

والخبرية تتنوع إلى ثلاثة أنواع (٣):

النوع الأول:

ما كان الدعاء بجملة خبرية أو عدة جمل خبرية تصف حال الداعي وتصف فقره، وحاجته، وتضرعه وتذلله بين يدي الله تعالى نحو قول موسى : ﴿رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ﴾ [القصص: ٢٤] فقد وصف نفسه بالفقر إلى ما أنزل الله إليه من الخير، وهو متضمن


(١) بدائع الفوائد: ٢/ ١٣٩ - ١٤٠.
(٢) الفتاوى الكبرى: ٥/ ١٨٤.
(٣) انظر عن هذه الأنواع وشرحها: الفتاوى: ١٠/ ٢٤٤، وتفسير ابن كثير: ١/ ٢٦ - ، ٢٧ وجلاء الأفهام ٧٩، والوابل: ١٨٢ - ١٨٦، ونحوه في شرح الإحياء للزبيدي: ٥/ ٤٢، والأزهية: ٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>