للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هؤلاء: الإمام أبو منصور محمد بن أحمد الأزهري اللغوي المشهور (ت ٣٧٠ هـ)، فإنه قال:

"وقد يكون الدعاء عبادة، ومنه قول الله ﷿: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ﴾ [الأعراف: ١٩٤] أي الذين تعبدون من دون الله. . ." ثم ذكر إطلاقه على توحيد الله وثنائه الذي هو بمعنى عبادته وذكره تعالى ثم قال: "وروي مثل ذلك عن سعيد بن المسيب في قوله: ﴿لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا﴾ [الكهف: ١٤] أي لن نعبد إلهاً دونه.

وقال ﷿: ﴿أَتَدْعُونَ بَعْلًا﴾ [الصافات: ١٢٥]، أتعبدون رباً سوى الله وقال: ﴿فَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ﴾ [الشعراء: ٢١٣]، أي لا تعبده" (١).

وفوق هذا البيان من أهل اللغة بيان الرسول هذا المعنى بقوله: "الدعاء هو العبادة" (٢) ولا حاجة بعد ذلك إلى بيان أحد من البشر، ولكن ذكرنا ذلك للاستئناس بأقوال العلماء. ومن استعماله في هذا المعنى قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [الأنعام: ٥٦]. وقوله تعالى: ﴿إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا (١١٧)[النساء: ١١٧]، وقوله سبحانه: ﴿وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ﴾ [الكهف: ٢٨] وقد تقدم ذكر بعض الأمثلة في كلام الأزهري.


= الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ﴾ الآية. . ذكر نحوه: ٧/ ٢٠٥، ومنهم ابن الجوزي في نزهة النواظر: ٢٩٣، ومقاتل بن سليمان البلخي في الأشباه والنظائر: ٢٨٦، ومن اللغويين الأزهري في التهذيب كما سيأتي في الرقم التالي، وابن منظور في اللسان: ٣/ ١٣٨٥، والزبيدي في تاج العروس: ١٠/ ١٢٧، وفي شرح الإحياء: ٥/ ٢٧، إلا أنه سماه توحيداً فقال: "ويطلق ويراد به التوحيد كما في قول الله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ﴾، وقوله: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ﴾ " ومثله أبو بكر الطرطوشي في الدعاء المأثور ص: ٣١، وأبو البقاء الكفوي في كلياته: ٢/ ٣٣٣.
(١) تهذيب اللغة: ٣/ ١١٩، ١٢٤، وعنه في اللسان: ٣/ ١٣٨٥.
(٢) سيأتي تخريج الحديث في ص: ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>