للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقتضى الربوبية أن يربيهم بالنعم وبما يحتاجون إليه، ومن ذلك إجابة المضطر وإغاثة الملهوف، وكشف الكرب وإزالة الضر، فهو يربي عباده بهذه النعم، فالربوبية تتضمن "خلقهم وتدبيرهم وتربيتهم وإصلاحهم وجلب مصالحهم وما يحتاجون إليه ودفع الشر عنهم وحفظهم مما يفسدهم، هذا معنى ربوبيته لهم، وذلك يتضمن قدرته التامة ورحمته الواسعة وإحسانه وعلمه بتفاصيل أحوالهم، وإجابة دعواتهم وكشف كرباتهم" (١).

فتوحيد الربوبية هو إفراد الله تعالى بأفعاله هو التي منها إجابة الدعاء، فهو الذي يستحق طلبها منه وحده وهو الذي يجب إخلاص نوعي الدعاء له. قال شيخ الإسلام : "فهو سبحانه مستحق التوحيد، الذي هو دعاؤه وإخلاص الدين له: دعاء العبادة بالمحبة والإنابة والطاعة والإجلال والإكرام والخشية والرجاء ونحو ذلك من معاني تألهه وعبادته، ودعاء المسألة والاستعانة بالتوكل عليه، والالتجاء إليه والسؤال له ونحو ذلك مما يفعل سبحانه بمقتضى ربوبيته.

ولهذا جاءت الشريعة الكاملة في العبادة باسم الله، وفي السؤال باسم الرب، فيقول المصلي والذاكر: الله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، وكلمات الأذان الله أكبر … إلى آخرها ونحو ذلك" (٢).

ومن هنا نستطيع أن نعرف سر كثرة ورود لفظ الرب في دعوات الأنبياء والمرسلين وعباد الله الصالحين دون اسم الجلالة، أو غيره من الأسماء الحسنى والصفات العلى، وقد حكى الله لنا تلك الأدعية التي فيها النداء باسم الرب في آيات كثيرة، قال تعالى في دعاء آدم وحواء :


(١) بدائع الفوائد: ٢/ ٢٤٧.
(٢) الفتاوى: ٢/ ٤٥٦، وقاعدة جليلة ص: ٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>