للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قول الخطابي رحمه الله تعالى في اسم الجلالة "الله": "إنه أشهر أسماء الرب تعالى وأعلاها محلًا في الذكر والدعاء" (١).

فبالنسبة إلى كونه أعلاها في الذكر لا خلاف في ذلك وأما بالنسبة إلى الدعاء فيعكر عليه ما تقدم من أدعية الأنبياء مع ما في معنى الربوبية من مناسبة للإجابة، وقد قال شيخ الإسلام مبينًا هذا المعنى:

"إن الإله هو المعبود الذي يستحق أن يعبد، والرب هو الذي يرب عبده فيدبره.

ولهذا كانت العبادة متعلقة باسمه "الله"، والسؤال متعلقًا باسمه "الرب" إلى أن قال: ولما كانت العبادة متعلقة باسمه "الله" تعالى جاءت الأذكار المشروعة بهذا الاسم مثل كلمات الآذان: الله أكبر الله أكبر، ومثل الشهادتين: أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدًا رسول الله، ومثل التشهد، التحيات لله، ومثل التسبيح، والتهليل، والتكبير: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله.

وأما السؤال فكثيرًا ما يجيء باسم الرب كقول آدم وحواء: ﴿قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٢٣)﴾ … إلى أن قال:

وقد نقل عن مالك أنه قال: أكره للرجل أن يقول في دعائه يا سيدي يا سيدي يا حنان يا حنان، ولكن يدعو بما دعت به الأنبياء ربنا ربنا، نقله عنه العتبي (٢) في العتبية، فإذا سبق إلى قلب العبد قصد السؤال ناسب أن يسأله باسمه "الرب" وإن سأله باسمه "الله" لتضمنه اسم الرب


(١) شأن الدعاء: ٣٠
(٢) العتبي: هو محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن عتبة أبو عبدالله الأموي القرطبي المالكي، فقيه الأندلس جمع المسائل المستخرجة وهي التي تسمى العتبية، توفي ٢٥٥ هـ، انظر السير: ١٢/ ٣٣٥. وهذا النص عن مالك في العتبية المطبوعة مع شرحها البيان والتحصيل لابن رشد: ١/ ٤٥٦ و ١٧/ ٤٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>