للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعَدَّوْه من كراماته، واعتقادهم التصرف له يدل على أنهم يعتقدون أنه ينفع ويضر، ومن أقاويلهم الباطلة في ذلك ما قاله بعضهم:

"لو تحركت نملة سوداء في ليلة ظلماء فوق صخرة صماء، ولم أسمعها لقلت: إني مخدوع أو ممكور بي".

فقال آخر مستدركًا عليه: "كيف أقول ذلك، وأنا محركها؟ " (١).

ففي هذا ادعى الأول السمع المحيط للكون، وذلك يستلزم العلم المحيط أيضًا وادعى الثاني زيادة على ذلك التصرف المطلق في الكون والقدرة على النفع والضر.

وقد ذكروا مراتب الأولياء وقسموهم إلى مجموعات تتصرف في الكون وتدبر أمره فهناك القطب أو الغوث الأعظم وهناك الإمامان وهناك البدلاء وهناك الأوتاد والنجباء والنقباء. فلكل هذه المجموعة مهمة أساسية تتصرف فيها حسب زعمهم.

فالقطب عندهم -وقد يسمى غوثًا باعتبار التجاء الملهوف إليه- "عبارة عن الواحد الذي هو موضع نظر الله في كل زمان أعطاه الطلسم الأعظم من لدنه، وهو يسري في الكون وأعيانه الباطنة والظاهرة سريان الروح في الجسد بيده قسطاس الفيض الأعظم … فهو يفيض روح الحياة على الكون الأعلى والأسفل. . ." (٢).

وأما الإمامان فأحدهما عن يمين القطب، ونظره في الملكوت وهو مرآة ما يتوجه من المركز القطبي إلى العالم الروحاني من الإمدادات والآخر عن يساره ونظره في الملك وهو مرآته في المحسوسات وهو أعلى من صاحبه ويخلف القطب إذا مات (٣).


(١) الإنسان الكامل: ١/ ١٢٢، والعلم الشامخ: ٥٥٦، ٤٥٧.
(٢) التعريفات للجرجاني: ١٧٧ - ١٧٨.
(٣) المرجع نفسه: ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>