للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحاصل:

إن إجابة الدعاء من مقتضى الربوبية التي هي شاملة للخلق كلهم، ولهذا كانت إجابة الدعاء غير خاصة بالمؤمنين بل الله يسأله كل الخلائق فيجيبهم.

قال تعالى: ﴿يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ (٢٩)[الرحمن: ٢٩] يسأله المطيع والعاصي والكافر والمنافق، فهو كل يوم يجيب داعيًا ويكشف كربًا ويجيب مضطرًا ويغفر ذنبًا كما قاله مجاهد وغيره (١).

وهو يمد كلًا من العاصي والطائع بما يتكفل له حياته، قال تعالى: ﴿كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (٢٠)[الإسراء: ٢٠].

بل لما سأله إبليس اللعين بقوله: ﴿رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (٣٦)[الحجر: ٣٦] أجابه الله إلى ما طلبه وأعطاه بغيته مع أنه أبغض خلق الله إلى الله، قال تعالى: ﴿قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (٣٧) إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (٣٨)[الحجر: ٣٧ - ٣٨].

فاتضح مما سبق أن إجابة الدعاء من مقتضى الربوبية وأنها شاملة للخلق أجمع، وأنها فعل من أفعال الله تعالى وأن الإقرار بتفرده بها إقرار بتفرده بأفعاله وأن الإخلاص في الدعاء يستلزم الإخلاص في توحيد الربوبية وأن الشرك في الدعاء يستلزم الشرك في الربوبية، كما أنه يستلزم الاعتقاد بعلم الغيب والتصرف المطلق والقدرة المطلقة والنفع والضر للمدعو. وقد يقال: إن الداعي ربما لا يستحضر عند الدعاء تلك اللوازم للدعاء من كون المدعو قادرًا القدرة المطلقة ومتصرفًا ومالكًا للنفع والضر فلا يقال: إنه أشرك في الربوبية.


(١) أخرجه الطبري: ٢٧/ ١٣٥، وقد روي نحوه مرفوعًا من حديث أبي الدرداء أخرجه ابن ماجه: ١/ ٧٣ رقم ٢٠٢، وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجه: ١/ ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>