للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد عقد أبو بكر ابن إسحاق بن خزيمة المتوفى (٣١١) هـ) بابًا في كتاب التوحيد فقال: "باب ذكر البيان أن الله ﷿ في السماء كما أخبرنا في محكم تنزيله وعلى لسان نبيه وكما هو مفهوم في فطرة المسلمين، علمائهم وجهالهم وأحرارهم ومواليهم ذكرانهم وإناثهم بالغيهم وأطفالهم، كل من دعا الله جل وعلا فإنما يرفع رأسه إلى السماء ويمد يديه إلى الله إلى أعلاه لا إلى الأسفل" (١).

وابن خزيمة إمام من أئمة المسلمين الذين دافعوا عن نقاء العقيدة وصفائها وبذلوا جهودًا عظيمة في سبيل ذلك وهو إذ يخبر عن دلالة الفطرة على العلو وإجماع الناس على ذلك، إنما يخبر عن قضية مسلمة لدى البشر لا يختلف في ذلك إلا من فسدت فطرته بالشبهات، وليس هذا خاصًا بابن خزيمة المعروف بمواقفه السلفية، بل غيره اعترف بذلك، والمعترفون بهذا كثيرون ومن أولئك:

الإمام الأشعري (ت ٣٢٤ هـ) الذي ينتسب إلى مذهبه الأشاعرة المتأخرون الذين خالفوا مذهبه الأخير فقد قال الأشعري مستدلًا على علو الله تعالى:

"ورأينا المسلمين جميعًا يرفعون أيديهم إذا دعوا نحو السماء لأن الله تعالى مستو على العرش الذي هو فوق السماوات، فلولا أن الله ﷿ على العرش لم يرفعوا أيديهم نحو العرش، كما لا يحطونها إذا دعوا إلى الأرض" (٢).

وقال أبو سليمان الخطابي "ت ٣٨٨ هـ": وقد جرت عادة المسلمين خاصتهم وعامتهم أن يدعوا ربهم عند الابتهال والرغبة إليه ويرفعوا أيديهم


(١) كتاب التوحيد لابن خزيمة ص: ١١٠، وعنه في بيان تلبيس الجهمية: ٢/ ٤٣٦.
(٢) الإبانة ص: ١٠٧، ونقله في العلو ص: ٢٣٨ "المختصر"، ودرء تعارض العقل: ٦/ ١٩٩، والفتاوى: ٣/ ٢٢٥، وبيان تلبيس الجهمية: ٢/ ٤٣٤، واجتماع الجيوش: ١١٧، والفتوى الحموية ص: ٥٦ - ٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>