للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (٦٠)[غافر: ٦٠].

وهذا وعيد شديد لمن لم يدع الله تعالى ويلتجيء إليه استكبارًا وترفعًا، ومن هنا ذهب بعضهم إلى وجوب الدعاء كما سيأتي.

وقد استدل بعضهم على أهمية الدعاء بقوله تعالى: ﴿وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ﴾ [التوبة: ٦٧] وأن الآية تدل على ذم من يترك الدعاء فمعنى ﴿يَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ﴾ أي لا يمدونها إلينا في سؤال، هكذا قال بعضهم (١).

ولكن التفسير المأثور عن مجاهد، أنهم لا يبسطونها بنفقة في حق الله، وعن قتادة: لا يبسطونها بخير (٢).

وهذا التفسير هو اللائق بسياق الآيات.

٥ - إن الدعاء يشتمل على خصائص جليلة ومزايا كثيرة لا توجد في غيره من أنواع العبادات، فمن تلك الميزات والخصائص (٣):

أ - نفع الدعاء يقع في الحياة والممات حيث ثبت انتفاع الميت بدعاء الأحياء من ولد أو والد أو قريب أو صديق، قال : "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة"، وفيه: "أو ولد صالح يدعو له" (٤).

وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ﴾ [الحشر: ١٠].

وصلاة الجنازة هي دعاء للميت، فالدعاء يصل ثوابه للمدعو له إجماعًا بخلاف غيره من أنواع العبادات، ففي وصولها إليه خلاف. إلا أنه يشاركه في هذه الميزة الصدقة.

ب- سهولة الدعاء وعدم تقيده بزمان ولا مكان ولا حال، بخلاف


(١) ذكر هذا التفسير القشيري في رسالته: ٢/ ٥٢٦.
(٢) انظر تفسير ابن جرير: ١٠/ ١٧٤، والدر المنثور: ٢/ ٢٥٥.
(٣) انظر عن هذه الخصائص: الأزهية ص: ٢١ - ٢٣، وإتحاف السادة للزبيدي: ٥/ ٤، وذكر الميزة الثالثة أيضًا الدهلوي في الحجة: ١/ ٧٦.
(٤) أخرجه مسلم: ٣/ ١٢٥٥ رقم ١٦٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>