للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلهذا قل فيهما الكلام دون الصنف الأول الذي هو أخف بالنسبة إليهما.

ومن هنا نعرف أن السبب في عدم كثرة كلام السلف في مسألة دعاء غير الله تعالى عدم انتشار الشرك الواضح في مثل هذا في الصدر الأول. وسيأتي بيان مزيد إن شاء الله (١).

ويوضح عناية العلماء المصلحين بهذه المسألة عدة مظاهر منها:

١ - أنهم يقدمون الكلام عليها على غيرها من المسائل الأخرى فمن ذلك ما فعله شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب حيث بدأ كتابه "مسائل الجاهلية التي خالف فيها رسول الله أهل الجاهلية" بهذه المسألة وبيّن أنها أعظم مسألة خالف فيها الرسول الجاهلية (٢).

ومن ذلك قوله بعد أن بيّن أن التوحيد الذي دعت إليه الرسل هو إفراد الله بالعبادة: "فمن ذلك لا يدعى إلا إياه كما قال تعالى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾ [الجن: ١٨] " (٣).

وقال أيضًا: "اعلم رحمك الله أن التوحيد الذي فرض الله على عباده قبل فرض الصلاة والصوم هو توحيد عبادتك أنت فلا تدع إلا الله وحده … ".

ثم ذكر أن صفة إشراك المشركين الأولين "أنهم يدعون الله ويدعون معه الأصنام والصالحين" (٤).

وقال في موضع آخر عندما ذكر الأصل الجامع لعبادة الله وحده: "فإن قيل فما أنواع العبادة التي لا تصلح إلا لله تعالى، قلت: من أنواعها الدعاء والاستعانة والاستغاثة … إلخ" (٥).


(١) ص ٥٦٢.
(٢) مسائل الجاهلية ص: ٤ - ٥، وانظر مؤلفات الشيخ، قسم العقيدة ص: ٣٣٤.
(٣) الرسائل الشخصية: مؤلفات الشيخ ص: ١٦٦.
(٤) رسالة في توحيد العبادة: قسم العقيدة: مؤلفات الشيخ ص: ٣٩٨.
(٥) الأصل الجامع لعبادة الله: مؤلفات الشيخ: قسم العقيدة ص: ٣٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>