للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حصول المطلوب، وجودًا وعدمًا، بل ما يحصل بالدعاء يحصل بغيره.

وقالوا: إن الدعاء عند أهل التسليم والتفويض - يعنون أنفسهم - على وجهين:

"أحدهما: يريد بذلك تزيين الجوارح الظاهرة بالدعاء، لأن الدعاء ضرب من الخدمة، يريد أن يزين جوارحه بهذه الخدمة.

والوجه الثاني: أن يدعو ائتمارًا لما أمره الله تعالى بالدعاء" (١)، فالدعاء عندهم لإظهار العبودية وامتثال الأوامر الإلهية فقط، وليس له تأثير في حصول المطلوب، فهؤلاء على اتجاهين:

١ - فمنهم من يجعل الدعاء من حظ العامة، وأن مقامات الخواص ترك الدعاء والتوكل نظرًا للقدر (٢).

٢ - ومنهم من يجعل الدعاء بعدم المؤاخذة على الخطأ والنسيان مثل: ﴿رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا﴾ [البقرة: ٢٨٦]، يجعله عديم الفائدة إذ هو مضمون الحصول، فلا يجوز الدعاء بهذا إلَّا تلاوة لا دعاء ويعلل ذلك بأن الدعاء به يتضمن الشك في وقوعه لأن الداعي بين الخوف والرجاء، والشك في وقوع ذلك شك في خير الله (٣).

وقد جوز بعضهم الدعاء بالآية السابقة إن أراد بالخطأ العمد وبما لا يطاق الرزايا والمحن (٤).

وقد رويت عن هؤلاء أقوال كثيرة في تقرير هذا المذهب، من ذلك ما قاله بعضهم عندما طلب منه أن يدعو: "أخشى أني إن دعوت أن يقال


(١) اللمع للطوسي: ٣٣٣.
(٢) الفتاوى: ١٠/ ٣٥، و ٨/ ٢٨٤، وبدائع الفوائد: ٢/ ٢٤٠.
(٣) مدارج السالكين: ٢/ ١١٨، والفتاوى: ٨/ ٢٨٧.
(٤) ذهب إلى هذا القرافي في الفروق: ٤/ ٢٧٤ - ٢٧٨، وحاشية ابن عابدين على الدر: ١/ ٥٢٢، وانظر ما سيأتي في ص: ٤٠٥ - ٤٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>