للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع أنه صريح في مراد القائل لا يقبل التأويل، وتتلخص شبههم الرئيسية في ثلاث:

١ - الاستدلال بعموم علم الله تعالى وأن السؤال مع العلم والقدر لا حاجة إليه.

٢ - الاستدلال بما روي من أن إبراهيم الخليل عندما ألقي في النار قال: حسبي من سؤالي علمه بحالي (١).

٣ - أن سؤال الله تعالى فيه سوء الأدب واتهام للرب بعدم إعطائه للعبد ما يستحقه، وأنه لذلك ليس من مقامات الخواص.

وأصل شبهة أصحاب المذهب الأول والمذهب الثاني أنهم لما أثبتوا أن الله إذا قضى شيئًا فلا بد أن يكون وأنه ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأن ما سبق به علمه فهو كائن لا محالة صاروا يظنون ما يوجد بسبب يوجد بدونه، وما يوجد مع عدم المانع يوجد مع المانع، وأن كون الأمور مقدرة مقضية يمنع أن تتوقف على أسباب مقدرة أيضًا تكون من العبد، وهذا غلط عظيم ضلت فيه طوائف، حتى وصل الأمر ببعضهم إلى القول بأنه لا حاجة إلى الأعمال المأمور بها فإن من خلق للجنة فهو يدخلها وإن لم يؤمن ولم يعمل، ومن خلق للنار فهو يدخلها وإن آمن وعمل (٢).

وكذلك قول من قال: إن الدعاء لا يؤثر شيئًا، والتوكل لا يؤثر شيئًا هو من هذا الجنس لكن إنكار ما أمر به من الأعمال كفر ظاهر، بخلاف إنكار تأثير الدعاء أو التوكل إذ ليس تعليق المقاصد بالدعاء والتوكل


(١) ذكره البغوي في التفسير: ٣/ ٣٥٠، حكاية عن كعب الأحبار، وسيأتي الكلام عليه ص: ٣٣٧، وانظر الاستدلال بهذه الحكاية في تفسير الرازي: ١٤/ ١٣٥، وروح المعاني: ٢/ ٨٢، وفي الرسالة القشيرية: ١/ ٤٢٠.
(٢) جامع الرسائل: ١/ ٩٢ - ٩٣، والتحفة العراقية: ٤٧، والفتاوى: ١٠/ ٢٢، ٨/ ١٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>