للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمن قال يفعل عندها لا بها فقد خالف لفظ القرآن والسنة (١).

وقد عرفت بهذا أن مذهب أهل السنة والجماعة هو الحق لموافقته للكتاب والسنة والعقل والحس.

ثم إن معنى إثبات أهل السنة والجماعة للأسباب ليس معناه أنها هي المؤثرة بنفسها وأنها علل مقتضية لا يتخلف عنها معلولها كما هو مذهب الطبعيين بل هم يقولون: إن الله جعلها أسبابًا لمسبباتها، وإنه لا بد من صرف الله عنها الموانع ثم إنه لا بد من تسخير الله تعالى لتلك الأسباب وإبقاء مفعوليتها.

قال شيخ الإسلام : "وليس من الأسباب ما هو مستقل بوجود المسبب لكن له شريك فيه وله ضد، فإن لم يعاونه شريكه ولم يصرف عنه ضده، لم يحصل مسببه، ومن هنا لا يوجد ما هو علة تامة تستلزم معلولها إلا مشيئة الله تعالى فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن" (٢).

وهذا الكلام من شيخ الإسلام ابن تيمية في حقيقة الأسباب وأنه ليس في المخلوقات علة تامة تستلزم معلولها ولا سبب تام يستلزم مسببه يرد على ما زعمه البوطي وشنع به على شيخ الإسلام من أنه بإثباته القوة التي وضعها الله في الأشياء جنح إلى رأي الفلاسفة وقلدهم وخالف أهل السنة والجماعة (٣) - أي الأشاعرة - وأنه تناقض.

وحاصل شبهاته تدور على الآتي:


(١) انظر في هذا الفتاوى: ٨/ ١٧٥، ١٣٧، ١٣٨، ومنهاج السنة: ٥/ ٣٦٣ - ٣٦٦، و ٣/ ١١٣ - ١١٤.
(٢) بيان تلبيس الجهمية: ٢/ ٤٥٧، وانظر أيضًا الفتاوى: ٨/ ١٦٧، ومنهاج السنة: ٣/ ١١٥، وجامع الرسائل: ٢/ ٢١٠، والتدمرية ص: ٥٧.
(٣) السلفية مرحلة: ١٧٣ - ١٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>