للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - قد ثبت عن بعض الصحابة الدعاء بطول العمر، فقد دعا سعد بن أبي وقاص بطول العمر على الرجل الذي قال: "إن سعدًا كان لا يسير بالسرية، ولا يقسم بالسوية، ولا يعدل في القضية، قال سعد: أما والله لأدعون بثلاث: اللهم إن كان عبدك هذا كاذبًا قام رياء وسمعة فأطل عمره، وأطل فقره، وعرضه بالفتن، وكان بعد إذا سئل يقول: شيخ كبير مفتون أصابتني دعوة سعد. قال الراوي: فأنا رأيته بعد قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر، وإنه ليتعرض للجواري في الطرق يغمزهن" (١).

فتبين مما تقدم ثبوت الدعاء بطول العمر وأنه مشروع لا محذور فيه.

وأما ما استدل به القائلون بالتفريق بين الأشياء في الدعاء من قول النبي للأنصار: أوَ تصبرون؟، فيمكن أن يجاب عنه بأنه "سؤال كشف وتعليم، فأوحى الله إليه أنه لا يكشف عنهم في ذلك الوقت، وأخر الدعاء، ويحتمل أنه رأى بهم جزعًا وقلة صبر فأمرهم به" (٢).

ومما يبين هذا أن النبي قد دعا برفع الحمى عن المدينة عند قدومه إليها وإصابة أبي بكر وبلال بالحمى فقال : "اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد، اللهم بارك لنا في صاعنا، وفي مدنا وصححها لنا وانقل حماها إلى الجحفة" (٣).

ويمكن أن يجاب أيضًا عن حديث أم حبيبة بأنه علم بالوحي بأنه لا يزاد في أعمار هؤلاء الذين دعت لهم أم حبيبة أو يقال: إنه رأى حرصها الشديد على ذلك فمنعها، أو أنه أرشدها إلى


= أم قيس قال الحافظ فيه: جهله ابن القطان. اهـ. التهذيب: ٢/ ٧٤.
(١) أخرجه البخاري: ٢/ ٢٣٦ رقم ٧٥٥.
(٢) إتحاف السادة: ٥/ ١١٨، والأزهية: ٤٩ - ٥٠.
(٣) أخرجه البخاري: ٤/ ٩٩ رقم ١٨٨٩، ومسلم ٢/ ١٠٠٣ رقم ١٣٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>