ومثل استغاثة هؤلاء المؤمنين من الأمم السابقة في طلب النصر على الأعداء ما وقع من استغاثة النبي ﷺ وأصحابه يوم بدر ومناشدتهم لربهم في النصر على كفار قريش قال تعالى: ﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (٩)﴾ [الأنفال ٩].
فهذه الآية واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار على أن الاستغاثة هي السبب في استجابة الله للمؤمنين ونصرهم على عدوهم وتأييدهم وإمدادهم بملائكته.
وقوله تعالى فيما حكى الله لنا عن ابتهالات يونس ودعواته:
فدلت الآيتان على أن الدعاء هو السبب في نجاته من عدة أوجه، منها الفاء السببية، ومنها: كلمتا: استجبنا ونجينا كما دلت على أن هذا ليس خاصًّا به بل المؤمنون عامة إذا وقعوا في شدة واستغاثوا بربهم فهو ينجيهم، كما دلت أيضًا على أنه لولا الدعاء لما نجا من هذا الكرب العظيم ولبقي في بطن الحوت، وقد صرحت بذلك آية أخرى قال تعالى: ﴿فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (١٤٣) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٤٤)﴾ [الصافات: ١٤٣ - ١٤٤]، فكلمة لولا في مثل هذا الموضع تدل على امتناع الجملة الثانية لوجود الأولى (١). وهذا صريح قاطع في أن الدعاء هو السبب في نجاته ولو لم يحصل الدعاء لما نجا ولبقي في بطن الحوت إلى يوم القيامة.
(١) مغني اللبيب عن كتب الأعاريب ص: ٣٥٩ وانظر أيضًا الجواب الكافي ص: ١٧