للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سُؤْلَكَ يَامُوسَى (٣٦)[طه: ٢٥ - ٣٦] ما أوضحها في الدلالة على تأثير الدعاء في الإجابة!!

وقوله تعالى في قصة موسى وهارون في استغاثتهما بالله في إنقاذهما والمؤمنين من طغيان فرعون وملئه: ﴿وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (٨٨) قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا﴾ [يونس: ٨٨ - ٨٩]، فصرحت الآيتان بإجابة دعوتهما واستغاثتهما بالله تعالى وأن ذلك عقب ابتهالهما إلى الله تعالى فدل هذا على ترتب الإجابة على الدعاء ترتب المسبب على السبب.

ز - وقد دل القرآن على أن حصول الدعاء سبب في كشف البلايا والمصائب ومنع وقوع العذاب والهلاك وأن ترك الدعاء سبب في وقوع العذاب والهلاك وهذا صريح في تأثير الدعاء في منع وقوع العذاب وكذلك العكس، قال تعالى: ﴿قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ﴾ إلى قوله: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (٤٢) فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٤٣)[الأنعام: ٤٠ - ٤٣].

قال ابن كثير : ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ (٤٢)﴾ يعني الفقر والضيق في العيش "والضراء" وهي الأمراض والأسقام والآلام لعلهم يتضرعون أي يدعون الله ويتضرعون إليه ويخشعون قال الله تعالى: ﴿فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا﴾ أي فهلا إذا ابتليناهم بذلك تضرعوا إلينا وتمسكنوا. (١).

فمعنى هذا أنهم لو دعوا الله وتضرعوا لارتفع العذاب عنهم كما


(١) تفسير ابن كثير: ٢/ ١٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>