للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد ذكره أيضًا البخاري في كتاب الإيمان فقال: "دعاؤكم، إيمانكم" (١)، فالبخاري يشير بهذا إلى "أن الدعاء عمل، وقد أطلقه على الإيمان، فيصح إطلاق أن الإيمان عمل" (٢) فهو يستدل بهذا على أن الأعمال داخلة في مسمى الإيمان. وذكر محمد صديق حسن خان (ت ١٣٠٧ هـ) : أن "أصل الدعاء في اللغة الإيمان" (٣) وهذا الذي قاله لم أجد من سبقه إليه، فإن ابن عباس والبخاري إنما ذهبا إلى أن معنى الدعاء في الآية - الإيمان - ولم يقولا: بأنه هو الأصل في اللغة، مع أن كلامهما يمكن أن يحمل على أنهما أرادا بالإيمان العبادة لأن معنى الإيمان عند الإفراد يشمل جميع أنواع العبادة، وجميع أنواع الطاعات كما ذكر ذلك في مسألة الفرق بين الإيمان والإسلام والفقير والمسكين، وإطلاق الدعاء على العبادة ثابت كما تقدم.

ومما يدل على هذا الاحتمال أن ابن جرير فسر الدعاء في الآية بالعبادة والطاعة، ثم قوى هذا التفسير بقول ابن عباس: "لولا إيمانكم" (٤) فدل على أنه يرى أنه لا فرق بين تفسير الدعاء بالعبادة وبين تفسيره بالإيمان فكلاهما يطلق على الآخر.

ومن هنا يتضح أن هذا المعنى ليس معنىً مستقلًا، بل هو راجع إلى معنى العبادة الذي تقدم.

هذه المعاني المتقدمة هي المعاني التي ذكروها لمادة "د ع و" المجردة.

وأما مادة "د ع و" المزيدة فقد ذكروا لها معاني أغلبها ترجع إلى هذه


(١) البخاري مع الفتح: ١/ ٤٩، وذكره في تاج العروس نقلًا عن البخاري: ١٠/ ١٢٨.
(٢) فتح الباري: ١/ ٤٩.
(٣) الدين الخالص: ١/ ٢٢٤.
(٤) جامع البيان: ١٩/ ٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>