للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعيش خمسين سنة على ما كان عليه أبوه ولا ينظر أكان على صواب أم على خطأ" (١).

فالذين يدعون غير الله تعالى ويجيزونه يستدلون بالكثرة وبالآباء والأجداد على صحة دعاء غير الله تعالى بل بعضهم يتهم من لا يجيز ذلك بأنه خالف إجماع الأمة المحمدية المرحومة، وهذا الاستدلال والاحتجاج بتقليد الآباء والأجداد له سبب خفي، وهو أنه "ينشأ أحدهم وهو حسن الظن بأسلافه ومشايخه فلا يزال يسمع ما يقوي حسن ظنه ويسمع ما يبعد المخالف، ثم يتدرج إلى مثل هذه الحالة من عدم قبول الحق، ومع هذه الحالة هناك عوامل وأسباب أخرى خفية ربما يذهل عنها" (٢).

والمقلد يزين له الشيطان أن التقليد أفضل لسلامته من الوقوع في اشتباه الأدلة وأن الأسلاف لا يخطئون إلى غير ذلك من الشبه.

قال ابن الجوزي في بيان طريق دخول إبليس في إفساد العقائد:

"فإن إبليس زيّن للمقلدين أن الأدلة قد تشتبه والصواب قد يخفى والتقليد سليم، وقد ضل في هذا الطريق كثير وبه هلاك عامة الناس … واعلم أن العلة التي بها مدحوا التقليد بها يذم لأنه إذا كانت الأدلة تشتبه والصواب يخفى وجب هجر التقليد لئلا يوقع في ضلال. . .".

ثم قال: واعلم أن عموم أصحاب المذاهب يعظم في قلوبهم الشخص فيتبعون قوله من غير تدبر بما قال: وهذا عين الضلال لأن النظر ينبغي أن يكون إلى القول لا إلى القائل كما قال علي . . .


(١) تلبيس إبليس ص: ٣٩٩، وانظر أيضًا: القول الفصل النفيس ص: ١٠٠، فقد أن استصحاب العوائد من أعظم أسباب الوقوع في الشرك، ونحوه في قطف ذكر الثمر ص: ١١٣.
(٢) العلم الشامخ: ٢٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>