وهذا التعصب ناشيء عن التكبر والاستعلاء تارة، وعن الحسد تارة، وعن خوف لحوق العار به وبالمشايخ تارة، فيكون ذلك التعصب ناشئًا عن الكبر حيث يرى أن الداعي إلى الحق أقل منه علمًا وجاهًا ومركزًا في القوم وهذا غالب على بعض علماء السوء الذين يجيزون الاستغاثة بغير الله حيث يرون أن الدعاة إلى الحق كانوا طلبة صغارًا تخرجوا عليهم ثم إن هؤلاء الطلبة ربما درسوا في بعض الجامعات التي المنهج الصحيح في العقيدة فإذا رجعوا إلى بلادهم ودعوا إلى العقيدة الصحيحة وترك دعاء الأولياء وقف ضدهم مشايخ السوء تعصبًا وتكبرًا عن اتباع الطالب الذي كان يدرس عندهم ثم صار يدعو لما يخالف مذهبهم فيستكبرون عن اتباع تلميذهم وينطبق على هؤلاء قوله تدرس تعالى: ﴿وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا﴾ [النمل: ١٤].
وقد يكون ذلك ناشئًا عن الحسد لأن المتعصب يخاف ذهاب جاهه واحتلال الداعي إلى تصحيح العقيدة مكانه وترك الناس له، فيمتنع عن اتباع الحق خوفًا من ذهاب جاهه وحسدًا وبغيًا كما فعل أهل الكتاب مع النبي ﷺ قال تعالى: ﴿وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ﴾ [البقرة: ١٠٩]، وقد يكون ناشئًا عن خوف لحوق العار به وبمن سبقه من أسلافه من مشايخه وآبائه فلو ترك مذهبهم خاف أن يلحقهم العار.
هذا وإن هذه الأسباب وغيرها مما لم تذكر قد أدت إلى انتشار دعاء غير الله تعالى في العالم الإسلامي على الوجه الذي نراه اليوم في أنحاء العالم الإسلامي.
وإن الشيطان قد زين لابن آدم هذا الشرك ووسائله وأسبابه بطرق متعددة وأساليب متنوعة حتى أوقعه في حبائل الشرك، ولا يسلم من ذلك إلا من عصمه الله وجعله من عباده الصالحين الذين قال الله فيهم: ﴿إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾ [الحجر: ٤٢] فنسأل الله تعالى أن يحفظنا منه إنه سميع قريب وهو ولي التوفيق ..