للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال: "وهذا شيء ما بلغ إليه عباد الأصنام وهو داخل تحت قول الله تعالى: ﴿وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ﴾ [النحل: ٥٦] بلا شك ولا ريب» (١).

وذكر نحو هذا أيضًا الشوكاني (٢) والنعمي (٣) رحمهما الله تعالى.

٦ - ومن غلوهم أنهم يستشفعون بالله ورسوله على مدعويهم نحو البدوي ويقول أحدهم مخاطبًا البدوي سقت عليك الله ورسوله أو توسلت إليك بالله ورسوله، وهذا ما لم يصل إليه المشركون الأوائل (٤). فتبين مما سبق: أن المتأخرين وصلوا إلى مرحلة لم يصل إليها الأوائل وبهذا يستحقون الأوصاف التي ذكرها الله تعالى للمشركين وهم أحق بها منهم لأن المشركين الأوائل من هذه الحيثيثة «أصح عقولًا وأخف شركًا من هؤلاء» (٥).

قال المفسر الألوسي في قوله تعالى: ﴿حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ. . .﴾ [يونس: ٢٢]: "الآية دالة على أن المشركين لا يدعون غيره تعالى في تلك الحال، وأنت خبير بأن الناس اليوم إذا اعتراهم أمر خطير وخطب جسيم في بر أو بحر دعوا من لا يضر ولا ينفع ولا يرى ولا يسمع، فمنهم من يدعو الخضر والياس، ومنهم من ينادي أب الخميس والعباس، ومنهم من يستغيث بأحد الأئمة، ومنهم من يضرع إلى شيخ من مشايخ الأمة، ولا ترى فيهم أحدًا يخص مولاه بتضرعه ودعائه، ولا يكاد يمر له ببال أنه لو دعا الله وحده ينجو من هاتيك الأهوال.


(١) تطهير الاعتقاد: ٢٧ - ٢٨.
(٢) الدر النضيد: ٣٦.
(٣) معارج الألباب: ١٧٦.
(٤) انظر الحكايات في هذا في كتاب السيد البدوي بين الحقيقة والخرافة: ٣١٠، ٣١٤، ٣٢٠.
(٥) كشف الشبهات: ١٧١، وانظر ملحق المصنفات: ٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>