للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وليس المراد من الدعاء العبادة كما قاله بعض المفسرين بل هو الاستعانة لقوله تعالى: ﴿بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ﴾ (١).

وقوله وليس المراد من الدعاء العبادة .. إلخ، يعلم ما فيه بما تقدم من إطلاق الدعاء على النوعين وتلازمهما وأنه في مثل هذا الموضع في العبادة أظهر (٢)، وقال أيضًا: "واعلم أن طلب الحوائج من الموتى عالمًا بأنه سبب لإنجاحها كفر يجب الاحتراز عنه تحرمه هذه الكلمة - يريد بها كلمة التوحيد - والناس اليوم فيها منهمكون" (٣).

ومن أصرح كلام الدهلوي قوله: "كل من ذهب إلى بلدة أجمير أو قبر سالار ومسعود أو ما ضاهاها لأجل حاجة يطلبها فإنه أَثِمَ إِثْمًا أكبرَ من القتل والزنا وليس مثله إلا مثل من كان يعبد المصنوعات أو مثل من كان يدعو اللات والعزى" (٤). فقد صرح بأن الذاهب لطلب الحاجة من القبور مثل الداعي للّات.

١٤ - ومن علماء الحنفية الذين صرحوا بكون دعاء الأموات وندائهم كفرًا وشركًا ونددوا بذلك وجاهدوا في سبيل ذلك - الشيخ محمد إسماعيل بن عبد الغني الدهلوي الشهيد (٥).

فمما قاله في رسالته المسماة رسالة التوحيد أو تقوية الإيمان ما ترجمته: "نداءُ الأموات من بعيد أو قريب للدعاء - إشراك في العلم، وقال الله تعالى: ﴿وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ﴾ وقد دلت هذه الآية على أن المشركين قد أمعنوا في السفاهة فقد عدلوا عن الله القادر العليم إلى أناس


(١) حجة الله البالغة: ١/ ٦٢، والدين الخالص: ١/ ٢٨٩.
(٢) مر ص: ١١٥.
(٣) البصائر: ٢٧٣، نقلًا عن الخير الكثير للدهلوي ص: ١٠٥.
(٤) البصائر ص: ٢٧١ - ٢٧٢ نقلًا عن التفهيمات للدهلوي: ٢/ ٤٥.
(٥) تقدمت ترجمته ص: ٤٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>