وإذا تجاوزنا أدعية الأنبياء ﵈ إلى أدعية أتباعهم التي ذكرها الله تعالى في كتابه نجدهم يتوسلون إلى الله تعالى بالتوسل المشروع ولا نجد حرفاً واحداً من توسلهم بأنبيائهم مع أنهم بلا شك يحبون أنبيائهم أكثر من غيرهم.
فمن أمثلة ذلك ما ذكره الله تعالى عن الحواريين الذين مع عيسى ﵇ قال تعالى: ﴿فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (٥٢) رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (٥٣)﴾ [آل عمران: ٥٢، ٥٣] فقد توسلوا بإيمانهم بما أنزل الله وباتباعهم الرسول عيسى ﵇، ولم يتوسلوا بذات عيسى ولا بجاهه ولا بحرمته ولا شرفه.
ومن ذلك ما ذكره الله عن الذين يقاتلون مع نبي من أنبياء بني إسرائيل ﴿وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (٢٥٠)﴾ [البقرة: ٢٥٠].
فهؤلاء توسلوا إلى الله تعالى بربوبيته التي هي من مقتضى إجابته للدعاء ولم يتوسلوا بأنبياء بني إسرائيل ولا بالنبي الذي يقاتلون معه.
ومن ذلك ما ذكره الله في قوله: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (١٤٦) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا﴾ [آل عمران: ١٤٦، ١٤٧].
ومن ذلك ما ذكره الله عن أدعية صحابة رسول الله ﷺ لم نجد فيها حرفاً واحداً من التوسل المبتدع، فمن أمثلتها قوله تعالى: ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا (٧٥)﴾ [النساء: ٧٥]. فهؤلاء المستضعفون لم يتوسلوا بالنبي ﷺ ولا بصحابته الكرام وإنما توجهوا إلى الله تعالى بربوبيته فقط بل طلبوا منه أن يجعل لهم من عنده من يتولاهم وينصرهم ففي