للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - إن التوسل الذي أجازه ابن تيمية غير التوسل الذي منعه وهذا يعرف مما سبق لنا ذكره في تعريف التوسل.

٢ - إن ابن تيمية لا يعلق الحكم على الحياة والموت وإنما مدار الحكم عنده على المشروع الوارد فما ورد في الشرع أجازه، وما لم يرد منعه لأن الدعاء عبادة توقيفية، والدليل على ذلك أن ابن تيمية لا يجيز التوسل بالحي الغائب لأنه لم ينقل أن الصحابة في غزواتهم وهجراتهم توسلوا بالنبي الغائب عنهم والذي لم يدع لهم، فلو كانت المسألة تدور على الحياة والموت لأجاز التوسل بالحي الغائب.

٣ - ثم إن الفرق بين حالتي الحياة والموت -واضح جدًا، وأمر منطقي تقتضيه الأدلة الشرعية والعقلية فليس بصحيح قوله إنه لا دليل على الفرق بين الحالتين وسيأتي بيان الفرق بين الحالتين إن شاء الله تعالى (١).

د - إن ادعاء الإطلاق في الأدلة فيه نظر لا يخفى، فهل يريد به أنها مطلقة ولم تقيد بحال الحياة؟ فهذا غير مقبول، فإن حديث الضرير الذي استدل به - في حال الحياة، مع العلم بأنه ليس توسلًا بالغائب فضلًا عن الميت بل هو توسل بالحاضر، وحديث التوسل بالعباس على نقيض دعواه كما هو واضح لأنه توسل بالحاضر، وحديث فاطمة بنت أسد موضوع، وحديث مالك الدار منكر، فلو صح يمكن الاستدلال به فقط دون غيره من الأدلة، فلم يبق مما استدل به إلا ما زعمه من الاستدلال على التوسل بالتبرك الواقع من الصحابة بعرقه وشعره ووضوئه، فهذا التبرك صحيح، ولكن الفرق واضح بين التوسل والتبرك، وذلك لأن التوسل لا يستلزم حضور المتوسل به، وأما التبرك فيقتضي حضور الشيء المتبرك به (٢).


(١) سيأتي ص: ٨٥٠.
(٢) انظر مناقشة الألباني للبوطي في خلطه بين التوسل والتبرك في كتاب الشيخ الألباني: دفاع عن الحديث النبوي والسيرة ص: ٧٧ - ٧٨، وذكر الألباني أيضًا أنهما يفترقان في أن التبرك يرجى به الخير العاجل وأن التوسل عام في العاجل والآجل، كما أن التوسل لا يستعمل إلا الدعاء.
انظر التوسل أنواعه وأحكامه ص: ١٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>