للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مصراعيه كما تقدم.

فلهذا فمناقشتهم في أدلتهم في التوسل مهمة جداً لأن الخلاف فيه خلاف في أصل من أصول العقيدة، ألا وهو إخلاص الدعاء الله تعالى وليس خلافاً فرعياً لا يمس العقيدة حتى نتركهم فيما ذهبوا إليه أو نعذرهم فيما اجتهدوا فيه إن كان هناك اجتهاد.

فلهذا فإني أرى أن مناقشتهم في أدلتهم التي استدلوا بها على جواز التوسل من ضروريات البحث في هذه الرسالة، كما أن مناقشتهم فيما استدلوا به على جواز الاستغاثة بغير الله ضرورة، فكلاهما سواء لأن مآلهما واحد، ولهذا فإني عند ذكر احتجاجهم أجمع بين استدلالهم على التوسل وبين استدلالهم على الاستغاثة، فأناقش كليهما بدون تفريق، وقد أخص واحداً منهما على حسب ما يقتضيه المقام.

وهذه الشبهات قد لا يدرك مدى الحاجة إلى بيانها وكشف زيفها من يعيش في مجتمع انتشرت فيه العقيدة السلفية الصحيحة، وإنما يدرك ذلك من يعيش في بعض البلاد التي يوجد فيها من يدعو إلى دعاء الموتى والغائبين، ويلبس على العوام بتلك الشبه ويعارض بها الداعين إلى إخلاص نوعي الدعاء الله تعالى.

فالدعاة إلى التوحيد الخالص يحتاجون في مثل تلك البلاد إلى معرفة هذه الشبه وكيفية مناقشتها، حتى يستطيعوا دحضها وإبطالها فبذلك تقوم الحجة وتبرأ الذمة، ويهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حي عن بينة.

ومما ينبغي أن يعلم أن أصحاب هذه الشبه يتبع بعضهم بعضاً في الاحتجاج بها، ويقلد لاحقهم سابقهم بدون تبصر ولا بحث عن أدلة حتى إن بعض معاصريهم كان ينتحل كلام من سبقه من أهل مشربه بحروفه.

<<  <  ج: ص:  >  >>